من القصائد المنسوبة لأبي العتاهية رحمه الله 3
قال أبو العتاهية رحمه الله :
من أحس لي أهل القبـور ومن رأى *** مــن أحسهم لي بين أطبــاق الثــرى
مــن أحس لي من كنت آلفــه ويــأ *** لفني فقــد أنكــرت بعــد الملتقى
مــن أحسه إذ يعــالج غصــة *** متشاغــلا بعلاجهــا عمــن دعــى
من أحسه لي فــوق ظهــر سريــره *** يمشي بــه نفــر إلــى بيت البلــى
يا أيهـا الحي الذي هــو ميت *** أفنيــت عمــرك في التعلل والمنى
أمــا المشيب فقــد كسـاك رداءه **** وابتز عـن كتفيــك أثواب الضنا
ولقــد مضى القرن الذين عهــدتهم *** لسبيلهــم ولتلحقــن بمــن مضــى
ولقــل مــا تبقــى فكــن متــوقعــا *** ولقلما يصفــو ســرورك إن صفــا
وهى السبيــل فخــذ لنفسك عــدة *** فكــأن يومــك عــن قلــيل قــد أتــى
إن الغنــى لهــو القنــوع بعينــه *** مــا أبعــد الطمــع الحريص من الغنى
لا تشغلنــك لــو وليــت عــن الذي *** أصبحــت فيــه ولا لعــل ولا عســى
خــالف هواك إذا دعــاك لريبــة *** فلرب خيــر في مخالفــة الهــوى
علم المحجــة بيــن لمــريـده *** وأرى القلوب عـن المحجـة في عمــى
ولقــد عجبــت لهــالك ونجــاته *** موجــودة ولقــد عجبــت لمــن نجــا
وعجبت إذ نسى الحمــام وليس من*** دون الحمــام ولــو تأخــر منتهــى
ساعــات ليلك والنهــار كلاهمــا *** رســل إليــك وهــن يســرعــن الخطــا
ولئن نجــوت فإنمــا هي رحمــة *** الملك الرحيــم وإن هلكــت فبالجــزى
يــا ساكــن الدنيــا أمنت زوالهــا *** ولــقد تــرى الأيــام دائــرة الرحــى
ولكــم أبــاد الدهــر مــن متحصـن *** في رأس أرعن شاهــق صعب الذرى
أين الألى شادوا الحصون وجنــدوا *** فيهــا الجنــود تعــززا أيــن الألــى
أين الحمـاة الصابـرون حميــة *** يــوم الهيــاج لحرب مختلف القنــا
وذوو المنــابر والعســاكر والدســا *** كـر والمحاضر والمدائن والقرى
وذوو المراكب والكتائب والنجائب *** والمــراتب والمنــاصب في العلــى
أفنــاهم ملك الملــوك فأصبحـوا *** مـا منهــم أحــد يحــس ولا يــرى
وهـو الخفي الظاهـر الملك الذي **** هـو لم يزل ملكا على العرش استوى
وهـو المقــدر والمدبــر خلقــه *** وهــو الذي في الملك ليـس لــه سوى
وهــو الذي يقضــى بمــا هو أهله *** فينــا ولا يقضــى عليــه إذا قضــى
وهــو الذي أنجــى وأنقــذنا به *** بعد الضـلال من الضلال إلى الهــدى
حتـى متـى لا ترعـوي يـا صاحبي *** حتـى متـى حتـى متـى وإلـى متـى
والليل يذهـب والنهــار وفيهمـا *** عبـر تمر وفكـرة لألي النهــى
يا معشر الأمـوات يا ضيفــان ترب *** الأرض كيــف وجــدتم طعــم الثــرى
أهل القبور محى التراب وجـوهكم *** أهــل القبــور تغيــرت تلك الحلى
أهل القبور كفى بنــئي ديــاركم *** إن الديــار بكــم لشاحطــة النـوى
كم مـن أخ لي قــد وقـفت بقبره *** فدعـوتـه للــه درك مــن فتــى
أأخى لـم تفكـر منيــة إذ أتت *** مــا كــان أطعمــك الطبيب وما سقى
أأخى كيف وجدت من سكناك في*** قبــر وكيــف وجــدت ضيــق المتكــى
قد كنـت أفـرق من فــراقك سالمــا *** فأجــل منــه فــراق دائــرة الردى
فاليـوم حـق لـى التوجـع إذ جــرى *** حكــم الإلــه علــى فيك بمــا جــرى
يبكيـك قلبي بعـد عيني حسـرة *** وتقطعـا منــه عليــك إذا بكــى
وإذا ذكــرتك يــا أخي تقطعـت *** كبدي فأفلــقــت الجــوانــح والحشــى .