قال سابق البربري رحمه الله :
الموت جسر لمن يمشي على قدم *** إلى الأمور التي تخشى وتنتظر
عرض للطباعة
قال سابق البربري رحمه الله :
الموت جسر لمن يمشي على قدم *** إلى الأمور التي تخشى وتنتظر
ولبعضهم :
عليكَ بتَقوى اللّه في كل أمرِه *** تجد غبها يوم الحسابِ المطَّولِ
-ألا إِن تقوى اللّه خيرُ مغبةٍ *** وأفضلُ زادِ الظاعنِ المتحملِ
-ولا خيرَ في طولَ الحياةِ وعيشِها *** إِذا أنتَ منها بالتقى لم ترحلِ
قال الله جل جلاله :( اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ {45}
وقال سبحانه وتعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ {29} لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْوَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ {30}).
قال أبو العتاهية رحمه الله :
سلم على الدنيا سلام مودع *** وارحل فقد نوديت بالترحال
قال الله جل جلاله :( فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَاوَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى {130} وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى {131}).
و قال الله جل جلاله :( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً {58}.
وقال الله جل جلاله:( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ {55}).
فلا تكتب بكفك غير شيء *** يسرك في القيامة أن تراه
قال أبو العتاهية رحمه الله :
وصفت التقى وصفا كأنك ذو تقى *** وريح الخطايا من ثيابك تسطع
قال ابن القيم رحمه الله في نونيته :
يا غافلا عما خلقت له انتبه *** جد الرحيل فلست باليقظان
سار الرفاق وخلفوك مع الألى *** قنعوا بذا الحظ الخسيس الفاني
ورأيت أكثر من ترى متخلفا *** فتبعتهم ورضيت بالحرمان
لكن أتيت بخطتي عجز وجه *** ل بعد ذا وصحبت كل أمان
منتك نفسك باللحاق مع القعو *** د عن المسير وراحة الأبدان
ولسوف تعلم حين ينكشف الغطا *** ماذا صنعت وكنت ذا إمكان
قال الله جل جلاله :( والذين هم من عذاب ربهم مشفقون * إن عذاب ربهم غير مأمون)
وقال الله جل جلاله :( والذين يخشون ربهم ويخافون سوء الحساب )
قال ابن القيم رحمه الله في نونيته :
فاتعب ليوم معادك الأدنى تجد *** راحاته يوم المعاد الثاني
قال الله جل جلاله :( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون)
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره :
يقول تعالى ( وما جعلنا لبشر من قبلك ) أي يامحمد ( الخلد ) أي في الدنيا بل ( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) وقد استدل بهذه الآية الكريمة من ذهب من العلماء إلى أن الخضر عليه السلام مات وليس بحي إلى الآن لأنه بشر سواء كان وليا أو نبيا أو رسولا وقد قال تعالى ( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد ) وقوله ( أفإن مت ) أي يا محمد ( فهم الخالدون ) أي يؤملون أن يعيشوا بعدك لا يكون هذا بل كل إلى الفناء ولهذا قال تعالى ( كل نفس ذائقة الموت ) وقد روى عن الشافعي رحمه الله أنه أنشد واستشهد بهذين البيتين
تمنى رجال أن أموت وإن أمت *** فتلك سبيل لست فيها بأوحد
فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى *** تهيأ لأخرى مثلها فكأن قد
قال الإمام الطبري رحمه الله في تفسيره :(القول في تأويل قوله تعالى: {ولله غيب السماوات والأرض وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب}
يقول تعالى ذكره: ولله أيها الناس ملك ما غاب عن أبصاركم في السماوات والأرض دون آلهتكم التي تدعون من دونه، ودون كل ما سواه، لا يملك ذلك أحد سواه. {وما أمر الساعة إلا كلمح البصر} يقول: وما أمر قيام القيامة والساعة التي تنشر فيها الخلق للوقوف في موقف القيامة، إلا كنظرة من البصر، لأن ذلك إنما هو أن يقال له كن فيكون)0
قال القرطبي رحمه الله في تفسيره :
الجزء : سورة الشورى :
الآية: 18 {يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد}.
قوله تعالى: "يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها" يعني على طريق الاستهزاء، ظنا منهم أنها غير آتية، أو إيهاما للضعفة أنها لا تكون. "والذين آمنوا مشفقون منها" أي خائفون وجلون لاستقصارهم أنفسهم مع الجهد في الطاعة كما قال: "والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون" [المؤمنون: 60]. "ويعلمون أنها الحق" أي التي لا شك فيها. "ألا إن الذين يمارون في الساعة" أي يشكون ويخاصمون في قيام الساعة. "لفي ضلال بعيد" أي عن الحق وطريق الاعتبار إذ لو تذكروا لعلموا أن الذي أنشأهم من تراب ثم من نطفة إلى أن بلغوا ما بلغوا، قادر على أن يبعثهم
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره عند قول الله تعالى :( فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا)
وَمَعْنَى قَوْله" يَوْمًا يَجْعَل الْوِلْدَان شِيبًا " أَيْ مِنْ شِدَّة أَهْوَاله وَزَلَازِلِهِ وَبَلَابِله وَذَلِكَ حِين يَقُول اللَّه تَعَالَى لِآدَم اِبْعَثْ بَعْث النَّار فَيَقُول مِنْ كَمْ ؟ فَيَقُول مِنْ كُلّ أَلْف تِسْعمِائَةٍ وَتِسْعَة وَتِسْعُونَ إِلَى النَّار وَوَاحِد إِلَى الْجَنَّة.
وقال رحمه الله أيضا عند قول الله تعالى :( إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ ترابا )
" إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا " يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة لِتَأَكُّدِ وُقُوعه صَارَ قَرِيبًا لِأَنَّ كُلّ مَا هُوَ آتٍ آتٍ " يَوْم يَنْظُر الْمَرْء مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ " يَعْرِض عَلَيْهِ جَمِيع أَعْمَاله خَيْرهَا وَشَرّهَا قَدِيمهَا وَحَدِيثهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى" وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا " وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى " يُنَبَّأ الْإِنْسَان يَوْمئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ " " وَيَقُول الْكَافِر يَا لَيْتَنِي كُنْت تُرَابًا " أَيْ يَوَدّ الْكَافِر يَوْمئِذٍ أَنَّهُ كَانَ فِي الدَّار الدُّنْيَا تُرَابًا وَلَمْ يَكُنْ خُلِقَ وَلَا خَرَجَ إِلَى الْوُجُود وَذَلِكَ حِين عَايَنَ عَذَاب اللَّه وَنَظَرَ إِلَى أَعْمَاله الْفَاسِدَة قَدْ سُطِرَتْ عَلَيْهِ بِأَيْدِي الْمَلَائِكَة السَّفَرَة الْكِرَام الْبَرَرَة وَقِيلَ إِنَّمَا يَوَدّ ذَلِكَ حِين يَحْكُم اللَّه بَيْن الْحَيَوَانَات الَّتِي كَانَتْ فِي الدُّنْيَا فَيَفْصِل بَيْنهَا بِحُكْمِهِ الْعَدْل الَّذِي لَا يَجُور حَتَّى إِنَّهُ لَيَقْتَصّ لِلشَّاةِ الْجَمَّاء مِنْ الْقَرْنَاء فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْحُكْم بَيْنهَا قَالَ لَهَا كُونِي تُرَابًا فَتَصِير تُرَابًا فَعِنْد ذَلِكَ يَقُول الْكَافِر " يَا لَيْتَنِي كُنْت تُرَابًا " أَيْ كُنْت حَيَوَانًا فَأَرْجِع إِلَى التُّرَاب وَقَدْ وَرَدَ مَعْنَى هَذَا فِي حَدِيث الصُّور الْمَشْهُور وَوَرَدَ فِيهِ آثَار عَنْ أَبِي هُرَيْرَة وَعَبْد اللَّه بْن عَمْرو وَغَيْرهمَا آخِر تَفْسِير سُورَة النَّبَأ وَلِلَّهِ الْحَمْد وَالْمِنَّة وَبِهِ التَّوْفِيق وَالْعِصْمَة .
قال أبو العتاهية رحمه الله :
هوَ المَوْتُ، فاصْنَعْ كلَّ ما أنتَ صانعُ *** وأنْتَ لِكأْسِ المَوْتِ لاَ بُدَّ جارِعُ
ألا أيّها المَرْءُ المُخادِعُ نَفسَهُ! *** رُويداً أتَدْرِي مَنْ أرَاكَ تخَادِعُ
ويا جامِعَ الدُّنيا لِغَيرِ بَلاَغِهِ *** سَتَتْرُكُهَا فانظُرْ لِمَنْ أنْتَ جَامِعُ
وَكم قد رَأينا الجامِعينَ قدَ اصْبَحَتْ *** لهم، بينَ أطباقِ التّرابِ مَضاجعُ
لَوْ أنَّ ذَوِي الأبْصَارِ يَرَعُوْنَ كُلَّمَا *** يَرَونَ، لمَا جَفّتْ لعَينٍ مَدامِعُ
قال أبو العتاهية رحمه الله :يا راكِبَ الغَيّ، غيرَ مُرْتَشِدِ *** شتَّانَ بينَ الضَّلالِ والرشَدِ
حَسْبُكَ ما قَدْ أتَيْتَ مُعْتَمِدا ً*** فاستغفرِ اللهَ ثمَّ لاَ تعُدِ
يَا ذا الذي نقصُهُ زيادَتُهُ *** إنْ كنتَ لم تَنتَقِصْ، فلَمْ تَزِدِ
مَا أسرعَ الليلَ والنَّهارَ بِسَا *** عاتٍ قِصارٍ، تأتي عَلى الأمَدِ
عجبْتُ منْ آمِلٍ وَوَاعظُهُ *** المَوْتُ فَلَمْ يتَّعِظْ ولَمْ يكَدِ
قال الحافظ الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء :( وقال أبو أسامة كان الثوري إذا جلسنا معه إنما يسمع الموت الموت فحدثنا عن ثور عن خالد بن معدان قال لو كان الموت علما يستبق إليه ما سبقني إليه أحد إلا أن يسبقني رجل بفضل قوة قال فما زال الثوري يحب خالد بن معدان مذ بلغه هذا عنه).
إنا لنفرح بالأيام نقطعها *** وكل يوم يقربنا من الأجل
سئل شيخ الإسلام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله
:السؤال :
الأخت التي رمزت لاسمها بـ : أ . ع . من الرياض تقول في سؤالها هل يجب على المؤمن عدم الخوف من الموت ؟ وإذا حدث هذا فهل معناه عدم الرغبة في لقاء الله ؟
الجواب :
يجب على المؤمن والمؤمنة أن يخافا الله سبحانه ويرجواه؛ لأن الله سبحانه قال في كتابه العظيم : {فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[1] وقال عز وجل : {فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ}[2] وقال سبحانه : {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}[3] وقال عز وجل : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ}[4] وقال عز وجل : {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}[5] في آيات كثيرة ولا يجوز للمؤمن ولا للمؤمنة اليأس من رحمة الله ، ولا الأمن من مكره ، قال الله سبحانه : {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[6] وقال تعالى : {وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}[7] وقال عز وجل : {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}[8] ويجب على جميع المسلمين من الذكور والإناث الإعداد للموت والحذر من الغفلة عنه ، للآيات السابقات ، ولما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((أكثروا من ذكر هادم اللذات)) - الموت ولأن الغفلة عنه وعدم الإعداد له من أسباب سوء الخاتمة ، وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه)) فقلت : يا نبي الله : أكراهية الموت فكلنا نكره الموت ، قال : ((ليس كذلك ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله فكره الله لقاءه)) متفق عليه ، وهذا الحديث يدل على أن كراهة الموت والخوف منه لا حرج فيه ، ولا يدل ذلك على عدم الرغبة في لقاء الله . لأن المؤمن حين يكره الموت أو يخاف قدومه يرغب في المزيد من طاعة الله والإعداد للقائه ، وهكذا المؤمنة حين تخاف من الموت وتكره قدومه إليها إنما تفعل ذلك رجاء المزيد من الطاعات والاستعداد للقاء ربها.
ولا حرج على المسلم أن يخاف من المؤذيات طبعا كالسباع والحيات ونحو ذلك فيتحرز منها بالأسباب الواقية ، كما أنه لا حرج على المسلمين في الخوف من عدوهم حتى يعدوا له العدة الشرعية ، كما قال الله سبحانه : {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}[9] - أي الأعداء - مع الاعتماد على الله والاتكال عليه والإيمان بأن النصر من عنده ، وإنما يأخذ المؤمن بالأسباب ويعدها؛ لأن الله سبحانه أمره بها لا من أجل الاعتماد عليها ، كما قال الله سبحانه : {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[10]
وإنما الخوف الذي نهى الله عنه هو الخوف من المخلوق على وجه يحمل صاحبه على ترك الواجب أو فعل المعصية ، وفي ذلك نزل قوله سبحانه : {فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[11] وهكذا الخوف من غير الله على وجه العبادة لغيره ، واعتقاد أنه يعلم الغيب أو يتصرف في الكون أو يضر وينفع بغير مشيئة الله كما يفعل المشركون مع آلهتهم . وبالله التوفيق .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - سورة آل عمران الآية 175.
[2] - سورة المائدة الآية 44.
[3] - سورة البقرة الآية 40.
[4] - سورة البقرة الآية 218.
[5] - سورة الكهف الآية 110.
[6] - سورة الزمر الآية 53.
[7] - سورة يوسف الآية 87.
[8] - سورة الأعراف الآية 99.
[9] - سورة الأنفال الآية 60.
[10] - سورة الأنفال الآية 10 .
[11] - سورة آل عمران الآية 175.
المصدر :
مجموع فتاوى و مقالات متنوعة الجزء السادس
ولبعضهم :
في الذاهبين الأولي *** نَ من القرونِ لنا بصائرْ
-لما رَأَيْتَ موارداً *** للموتِ ليس لها مصادرْ
-ورأيتُ قومي نحوَها *** يمضي الأصاغرُ والأكابرْ
-أيقنتُ أني لا محا *** لةَ حيثُ صارَ القومُ صائرْ
قال الله تعالى :( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * ويبقى وجه ربك ذو الجلال وإكرام)0
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره :( يُخْبِر تَعَالَى أَنَّ جَمِيع أَهْل الْأَرْض سَيَذْهَبُونَ وَيَمُوتُونَ أَجْمَعُونَ وَكَذَلِكَ أَهْل السَّمَاوَات إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّه وَلَا يَبْقَى أَحَد سِوَى وَجْهه الْكَرِيم فَإِنَّ الرَّبّ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ لَا يَمُوت بَلْ هُوَ الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت أَبَدًا قَالَ قَتَادَة أَنْبَأَ بِمَا خَلَقَ ثُمَّ أَنْبَأَ أَنَّ ذَلِكَ كُلّه فَانٍ وَفِي الدُّعَاء الْمَأْثُور : يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا بَدِيع السَّمَوَات وَالْأَرْض يَا ذَا الْجَلَال وَالْإِكْرَام لَا إِلَه إِلَّا أَنْتَ بِرَحْمَتِك نَسْتَغِيث أَصْلِحْ لَنَا شَأْنَنَا كُلَّهُ وَلَا تَكِلْنَا إِلَى أَنْفُسِنَا طَرْفَة عَيْن وَلَا إِلَى أَحَد مِنْ خَلْقك وَقَالَ الشَّعْبِيّ إِذَا قَرَأْت" كُلّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ " فَلَا تَسْكُتْ حَتَّى تَقْرَأ " وَيَبْقَى وَجْه رَبّك ذُو الْجَلَال وَالْإِكْرَام " وَهَذِهِ الْآيَة كَقَوْلِهِ تَعَالَى " كُلّ شَيْء هَالِك إِلَّا وَجْهَهُ " وَقَدْ نَعَتَ تَعَالَى وَجْهَهُ الْكَرِيم فِي هَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة بِأَنَّهُ ذُو الْجَلَال وَالْإِكْرَام أَيْ هُوَ أَهْل أَنْ يُجَلَّ فَلَا يُعْصَى وَأَنْ يُطَاع فَلَا يُخَالَف كَقَوْلِهِ تَعَالَى " وَاصْبِرْ نَفْسك مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبّهمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيّ يُرِيدُونَ وَجْهه " وَكَقَوْلِهِ إِخْبَارًا عَنْ الْمُتَصَدِّقِينَ " إِنَّمَا نُطْعِمكُمْ لِوَجْهِ اللَّه " قَالَ اِبْن عَبَّاس ذُو الْجَلَال وَالْإِكْرَام ذُو الْعَظَمَة وَالْكِبْرِيَاء وَلَمَّا أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْ تَسَاوِي أَهْل الْأَرْض كُلّهمْ فِي الْوَفَاة وَأَنَّهُمْ سَيَصِيرُونَ إِلَى الدَّار الْآخِرَة فَيَحْكُم فِيهِمْ ذُو الْجَلَال وَالْإِكْرَام بِحُكْمِهِ الْعَدْل قَالَ " فَبِأَيِّ آلَاء رَبّكُمَا تُكَذِّبَانِ " .
قال الإمام محمد بن عبد الله الأندلسي المالكي رحمه الله في نونيته :
وتلاوة القرآن من أهل التقى *** سيما بحسن شجا وحسن بيان
أشهى وأوفى للنفوس حلاوة *** من صوت مزمار ونقر مثان
وحنينه في الليل أطيب مسمع *** من نغمة النايات والعيدان
أعرض عن الدنيا الدنية زاهدا *** فالزهد عند أولي النهى زهدان
زهد عن الدنيا وزهد في الثنا *** طوبى لمن أمسى له الزهدان
قال ابن القيم رحمه الله :
يا غافلا عما خلقت له انتبه *** جد الرحيل ولست باليقضان
من أحاديث البشير النذير والسراج المنير صلوات ربي وسلامه عليه :
(ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ، ولم يصلوا على نبيهم ، إلا كان عليهم ترة ، فإن شاء عذبهم ، وإن شاء غفر لهم ).
(ما جلس قوم مجلسا ، فلم يذكروا الله فيه ، إلا كان عليهم ترة ، وما من رجل مشى طريقا ، فلم يذكر الله عز وجل إلا كان عليه ترة ، وما من رجل أوى إلى فراشه ، فلم يذكر الله ، إلا كان عليه ترة .)
( السلسلة الصحيحة ج1 ح74و ح79 وح 80 )
قال أبو العتاهية رحمه الله رحمه الله
تناومت عن الموت *** وحادي الموت يحدوك
وحاديه وإن نمت *** حثيث السير يحدوك
قال ابن أبي الدنيا رحمه الله في المحتضرين :
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : لَمَّا احْتُضِرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ ، دَخَلَ عَلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ كَانُوا يَحْسُدُونَهُ ، فَلَمَّا خَرَجُوا قَالَ مُتَمَثِّلًا :
تَمَنَّى رِجَالٌ أَنْ أَمُوتَ فَإِنْ أَمُتْ *** فَتِلْكَ سَبِيلٌ لَسْتُ فِيهَا بِأَوْحَدِ
فَمَا عَيْشُ مَنْ يَبْقَى خِلَافِي بِضَائِرِي *** وَمَا مَوْتُ مَنْ يَمْضِي أَمَامِي بِمُخْلِدِي
فَقُلْ لِلَّذِي يَبْقَى خِلَافَ الَّذِي مَضَى *** تَهَيَّأَ لأُخْرَى مِثْلِهَا فَكَأَنْ قَدِ "
قال القرطبي رحمه الله في تفسيره :
الجز1 :سورة البقرة : الآية 44 {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون}
اعلم وفقك الله تعالى أن التوبيخ في الآية بسبب ترك فعل البر لا بسبب الأمر بالبر ولهذا ذم الله تعالى في كتابه قوما كانوا يأمرون بأعمال البر ولا يعملون بها وبخهم به توبيخا يتلى على طول الدهر إلى يوم القيامة فقال "أتأمرون الناس بالبر" الآية وقال منصور الفقيه فأحسن:
إن قوما يأمرونا * بالذي لا يفعلونا
لمجانين وإن هم * لم يكونوا يصرعونا
وقال أبو العتاهية:
وصفت التقى حتى كأنك ذو تقى * وريح الخطايا من ثيابك تسطع
وقال أبو الأسود الدؤلي:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله * عار عليك إذا فعلت عظيم
وابدأ بنفسك فانهها عن غيها * فإن انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يقبل إن وعظت ويقتدى * بالقول منك وينفع التعليم
وقال أبو عمرو بن مطر: حضرت مجلس أبي عثمان الحيري الزاهد فخرج وقعد على موضعه الذي كان يقعد عليه للتذكير، فسكت حتى طال سكوته، فناداه رجل كان يعرف بأبي العباس: ترى أن تقول في سكوتك شيئا؟ فأنشأ يقول:
وغير تقي يأمر الناس بالتقى * طبيب يداوي والطبيب مريض
قال: فارتفعت الأصوات بالبكاء والضجيج.
يذكر أن إِنَّ آخِرَ خُطْبَةٍ خَطَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنْ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : " أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّكُمْ لَمْ تُخْلَقُوا عَبَثًا وَلَنْ تُتْرَكُوا سُدًى ، وَإِنَّ لَكُمْ مَعَادًا يَنْزِلُ اللَّهُ فِيهِ لِلْحُكْمِ بَيْنَكُمْ ، وَيَفْصِلُ بَيْنَكُمْ ، فَخَابَ وَخَسِرَ مَنْ خَرَجَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَحُرِمَ جَنَّتَهُ ، عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ ، أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّهُ لَا يَأْمَنُ غَدًا إِلَّا مَنْ حَذِرَ الْيَوْمَ ، وَخَافَهُ وَبَاعَ نَافِذًا بِبَاقٍ ، وَقَلِيلًا بِكَثِيرٍ ، وَخَوْفًا بِأَمَانٍ ، إِلَّا تَرَوْنَ أَنَّكُمْ مِنْ أَصْلَابِ الْهَالِكِينَ ، وَسَيَكُونُ مِنْ بَعْدِكُمُ الْبَاقُونَ حِينَ تُرَدُّونَ إِلَى خَيْرِ الْوَارِثِينَ ، ثُمَّ إِنَّكُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ تُشَيِّعُونَ غَادِيًا وَرَائِحًا إِلَى اللَّهِ ، قَدْ قَضَى نَحْبَهُ وَانْقَضَى أَجَلُهُ حَتَّى تُغَيِّبُوهُ فِي صَدْعٍ مِنَ الْأَرْضِ ، فِي بَطْنِ صَدْعٍ غَيْرِ مُمْتَدٍّ وَلَا مُوَسَّدٍ ، قَدْ فَارَقَ الْأَحْبَابَ ، وَبَاشَرَ التُّرَابَ ، وَوَاجَهَ الْحِسَابَ ، مُرْتَهَنٌ بِعَمَلِهِ ، غَنِيٌّ عَنْ مَا تَرَكَ ، فَقِيرٌ إِلَى مَا قَدَّمَ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ قَبْلَ انْقِضَاءِ مَوَاثِيقِهِ ، وَنُزُولِ الْمَوْتِ بِكُمْ " ، ثُمَّ رَفَعَ جَعَلَ طَرْفَ رِدَائِهِ عَلَى وَجْهِهِ فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ
ولبعضهم :
تَقْوى الإلهِ ذخيرةٌ للموئلِ *** والبِّرُ خيرُ مطيةِ المتحَّمل
ولبعضهم:
عليكَ بتَقوى اللّه في كل أمرِه *** تجد غبها يوم الحسابِ المطَّولِ
-ألا إِن تقوى اللّه خيرُ مغبةٍ *** وأفضلُ زادِ الظاعنِ المتحملِ
-ولا خيرَ في طولَ الحياةِ وعيشِها *** إِذا أنتَ منها بالتقى لم ترحلِ
ولبعضهم :
وليس بمنسوبٍ إِلى العلم والنهى *** فتىً لا تُرى فيه خلائقُ أربعُ
-فواحدةٌ: تقوى الإِله التي بها *** يُنال جسيمُ الخيرِ والفضلُ أجمعُ
-وثانيةٌ: صدقُ الحياءِ فإِنه *** طباعٌ عليه ذو المروءةِ يطبعُ
-وثالةٌ: حلمٌ إِذا الجهلُ أطلعتْ *** إِليه خبايا من فجورٍ تسرَّعُ
-ورابعةٌ: جودٌ بملكِ يمينهِ *** إِذا نابه الحقُّ الذي ليسُ يدفعُ
أعاننا الله على لقائه
قال أبو العتاهية رحمه الله :
ما أغفل الناس عن يوم ابتعاثهم *** ويوم يلجمهم في الموقف العرق
قال بعضُهم: خرجنا مع زَيْد بن عليّ نُريد الحجَّ فلما بلغنا النِّبَاج وصرنا إلى مقابرها التفتَ إلينا فقال:
لكُلِّ أًناس مَقْبَر بِفنائهم ***فهم يَنْقُصُون والقُبور تَزيدُ
فما إنْ تَزالُ دارُ حَيٍّ قد ***اخْرِبَتْ وقَبْرٌ بأَفْنَاءِ البُيوت جديد
هُمُ جِيرَةُ الأحياء أما مَزارُهم ***فدانٍ وأما المُلتقى فبَعِيد
وقال: مررتُ بيزيد الرَّقاشيّ وهو جالسٌ بين المدينة والمقبرة فقلت له: ما أجْلسك ها هنا قال: أَنْظُر إلى هذين العَسْكرين فعسكرٌ يَقْذِف الأحياء وعسكرٌ يلْتقم الموتى
وقال محمدُ بن عبد الله:
وعمّا قلَيلٍ لنْ تَرى باكياً لنا ***سَيَضْحك من يَبْكى وُيعْرض عن ذِكْري
تَرى صاحبي يبكى قليلاً لِفًرْقتي*** ويَضْحك من طُول اللَيالي على قَبري
ويُحْدِث إخواناً ويَنْسى مَودَتي ***وتَشْغله الأحباب عنّي وعن ذِكْري
قال أبو العتاهية رحمه الله :
هب الدنيا تساق اليك عفواً *** أليس مصير ذلك للزوال
نعى نفسي إليَّ من الليالي *** تصرفهن حالاً بعد حال
فما لي لست مشغولاً بنفسي *** وما لي لا أخاف الموت مالي
أما في السالفين لي اعتبار *** وما لاقوه لم يخطر ببالي
كأني بالمنية أرغمتني *** ونعشي بين أربعة عجال
وخلفي نسوة يبكين بعدي ***كأن قلوبهن على المقالي
قال أبو العتاهية رحمه الله :
عليكُمْ سلاَمُ اللهِ إنِّي مُوَّدعُ *** وعيْنَايَ منْ مضِّ التَّفَرُّقِ تَدْمَعُ
فإنْ نحنُ عِشْنَا يجمَعُ اللهُ بيننَا *** وَإنْ نحنُ مُتْنَا، فالِقيامَة ُ تَجمَعُ
ألمْ تَرَ رَيْبَ الدّهْرِ في كلّ ساعة *** ٍ لَهُ عارضُ فيهِ المنيَّة ُ تَلْمَعُ
أيَا بَانِيَ الدُّنْيَا لِغيْرِكَ تََبْتَنِي *** ويَا جامِعَ الدُّنيَا لِغَيْرِكَ تَجْمَعُ
أَرَى المرْءَ وثَّاباً عَلَى كُلِّ فُرْصَة ٍ *** وللمَرْءِ يَوْماً لاَ مَحَالَة َ مَصْرَعُ
تَبَارَكَ مَنْ لاَ يمْلِكُ المُلكَ غَيْرُهُ *** مَتَى تَنْقَضِي حَاجَاتُ مَنْ لَيسَ يَشْبَعُ
أيُّ امْرِىء ٍ فِي غَايَة ٍ لَيْسَ نَفْسُهُ *** إلى غايَة ٍ أُخرَى ، سواها، تَطَلَّعُ
قال حسان بن ثابت فيما ينسب إليه رضي الله عنه يرثي رسول اللهصلى الله عليه وسلم
والله أسمع ما حييت بهالـــك ** إلا بكيت على النبي محمــد
صلى الإله ومن يحف بعرشه ** والطيبون على النبي محمد
يسر المرء ما ذهب الليالي *** وإن ذهابهن له ذهابا
قال الله جل جلاله :( منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى )
اف على العلم الدي تدعونه ادا كان في علم النفوس رداها
قال الله جل جلاله :( وبدا لهم من الله مالم يكونوا يحتسبون)