-
وما سبق أن أشار إليه الحافظ رحمه الله رواه الإمام البخاري رحمه الله في كتاب الشهادات باب تعديل النساء بعضهن بعضا وفيه : (000 فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه، فاستعذر من عبد الله بن أبي ابن سلول، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا، وقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي). فقام سعد بن معاذ فقال: يا رسول الله، أنا والله أعذرك منه: إن كان من الأوس ضربنا عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا فيه أمرك. فقام سعد بن عبادة، وهو سيد الخزرج، وكان قبل ذلك رجلا صالحا، ولكن احتملته الحمية، فقال: كذبت لعمر الله لا تقتله، ولا تقدر على ذلك. فقام أسيد بن الحضير فقال: كذبت لعمر الله، والله لتقتلنه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين. فثار الحيان: الأوس والخزرج، حتى هموا ورسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، فنزل فخفضهم، حتى سكتوا وسكت000) 0 ورواه الإمام مسلم رحمه الله في كتاب التوبة باب في حديث الإفك، وقبول توبة القاذف
-
وما سبق أن أشار إليه الحافظ رحمه الله رواه الإمام البخاري رحمه الله في كتاب الشهادات باب تعديل النساء بعضهن بعضا وفيه : (000 فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه، فاستعذر من عبد الله بن أبي ابن سلول، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا، وقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي). فقام سعد بن معاذ فقال: يا رسول الله، أنا والله أعذرك منه: إن كان من الأوس ضربنا عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا فيه أمرك. فقام سعد بن عبادة، وهو سيد الخزرج، وكان قبل ذلك رجلا صالحا، ولكن احتملته الحمية، فقال: كذبت لعمر الله لا تقتله، ولا تقدر على ذلك. فقام أسيد بن الحضير فقال: كذبت لعمر الله، والله لتقتلنه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين. فثار الحيان: الأوس والخزرج، حتى هموا ورسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، فنزل فخفضهم، حتى سكتوا وسكت000) 0 ورواه الإمام مسلم رحمه الله في كتاب التوبة باب في حديث الإفك، وقبول توبة القاذف
-
-
وقد ذكر الشيخ الألباني رحمه الله في الصحيحة حديث
3037- (كانَ يَخْطُبُ بِمِخْصَرَةٍ في يَدِهِ).
أخرجه ابن سعد في "الطبقات " (1/377): أخبرنا عبدالعزيز بن عبدالله الأويسي وقتيبة بن سعيد قالا: أخبرنا عبدالله بن لهيعة عن أبي الأسود عن عامر ابن عبدالله بن الزبير عن أبيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.
قلت: وهذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات على ضعف في حفظ ابن لهيعة معروف ؛ لكن قتيبة بن سعيد من الثقات الذين صحح العلماء حديثهم عن ابن لهيعة ؛ لأنه كان يروي عنه من كتابه وليس من حفظه ؛ كما تقدم تحقيق ذلك عن الذهبي في غيرما موضع، فلا داعي للإعادة.
والحديث أخرجه البزار في "مسنده " (1/306- 307)، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - " (128)، والبغوي في "شرح السنة " (4/243) من طرق أخرى عن ابن لهيعة به. وقال البزار:
((لا نعلمه عن ابن الزبير إلا من هذا الطريق )).
قلت: ولفظ البغوي:
((كان يخطب بمخصرة)).
وبهذا اللفظ أورده الهيثمي في "المجمع " (2/187)، وقال:
((رواه الطبراني في ((الكبير))، والبزار، وفيه ابن لهيعة، وفيه كلام )).
وأقول: وهكذا وقع لفظه في ((مختصر زوائد البزار)) للحافظ (1/294/448)، بخلاف لفظه في ((كشف الأستار))، فإنه بلفظ:
((كان يشير بمخصرة إذا خطب )).
وهذا منكر عندي بلفظ "يشير"، فلا أدري هذه الزيادة ثابتة عند البزار- فيكون
من أوهامه- أو هي خطأ من بعض النساخ؛ أو لعل أصله: "يمسك " فتحرف على الناسخ؟! والله أعلم.
هذا؛ وللحديث شواهد كثيرة تزيده قوة على قوة؛ قد ذكرت بعضها في ((الإرواء)) (3/78 و 99)، وخرجت الكثير الطيب منها في ((الضعيفة)) (2/380 ـ 383)، وبينت فيها أن اعتماده على العصا لم يكن وهو - صلى الله عليه وسلم - على المنبر. فراجعه ؛ فإنه مهم .
وقال شيخ الألباني رحمه الله في الضعيفة في الموضع الذي أشار إليه :(وجملة القول : أنه لم يرد في حديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يعتمد على العصا أو القوس وهو على المنبر ، فلا يصح الاعتراض على ابن القيم في قوله : أنه لا يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد اتخاذه المنبر أنه كان يرقاه بسيف ولا قوس وغير ، بل الظاهر من تلك الأحاديث الاعتماد على القوس إذا خطب على الأرض ، والله أعلم )0
وجواب ما ذكره الشيخ الألباني رحمه الله من وجوه :
1- أن الحديث على عمومه وقد بوب له البغوي رحمه الله في شرح السنة :(باب التسليم إذا صعد المنبر والإعتماد على العصا) 0
2- ما ذكره القرطبي من الإجماع وقد سبق وهذا نصه كما في تفسيره :في سورة طه : الآيتان: 17 - 18 :( وفي الصحيحين: أنه عليه الصلاة والسلام كان له مخصرة. والإجماع منعقد على أن الخطيب يخطب متوكئا على سيف أو عصا، فالعصا مأخوذة من أصل كريم، ومعدن شريف، ولا ينكرها إلا جاهل)0
3- ما ذكره ابن القيم رحمه الله نفسه أيضا :(قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد : ج1 ص429 : ( ولم يكن يأخذ بيده سيفا ولا غيره وإنما كان يعتمد على قوس أو عصا قبل أن يتخذ المنبر وكان في الحرب يعتمد على قوس وفي الجمعة يعتمد على عصا ولم يحفظ عنه أنه اعتمد على سيف وما يظنه بعض الجهال أنه كان يعتمد على السيف دائما وأن ذلك إشارة إلى أن الدين قام بالسيف فمن فرط جهله فإنه لا يحفظ عنه بعد اتخاذ المنبر أنه كان يرقاه بسيف ولا قوس ولا غيره ولا قبل اتخاذه أنه أخذ بيده سيفا البتة وإنما كان يعتمد على عصا أو قوس)0
وقال ابن القيم رحمه الله أيضا في زاد المعاد :(وكان إذا قام يخطب، أخذ عصاً، فتوكَّأ عليها وهو على المنبر، كذا ذكره عنه أبو داود عن ابن شهاب، وكان الخلفاءُ الثلاثةُ بعده يفعلون)0
-
4- قال السيوطي رحمه الله في حسن المحاضرة في أخبار مصر و القاهرة:(تميم بن أوس بن حارثة الداري، أبو رقية - بقاف مصغر - من مشاهير الصحابة، أسلم سنة تسع، هو وأخوه نعيم، وذكر للنبي صلى الله عليه وسلم قصة الجساسة والدجال؛ فحدث عنه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك على المنبر، وعد ذلك من مناقبه)0
فتحصل أن الحافظ الذهبي وابن حجر والسخاوي والسيوطي كلهم جزموا بأن ذلك على المنبر
وفي الحديث "فلما قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاته جلس على المنبر وهو يضحك فقال « ليلزم كل إنسان مصلاه " وفي الحديث أيضا "وطعن بمخصرته فى المنبر) وهو في صحيح مسلم 0
-
وفي الملخص الفقهي للشيخ صالح الفوزان حفظه الله :(وقد ذكر الفقهاء رحمهم الله أنه يسن في خطبتي الجمعة أن يخطب على منبر؛ لفعله صلى الله عليه وسلم، ولأن ذلك أبلغ في الوعظ حينما يشاهد الحضور الخطيب أمامهم.
قال النووي رحمه الله: "واتخاذه سنة مجمع عليها".
ويسن أن يسلم الخطيب على المأمومين إذا اقبل عليهم؛ لقول جابر: "وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر؛ سلم" ، رواه ابن ماجه وله شواهد.
ويسن أن يجلس على المنبر إلى فراغ المؤذن؛ لقول ابن عمر: "كان رسوله الله صلى الله عليه وسلم يجلس إذا صعد المنبر حتى يفرغ المؤذن، ثم يقوم فيخطب" رواه أبو داود.
ومن سنن خطبتي الجمعة: أن يجلس بينهما؛ لحديث أبن عمر: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين وهو قائم، يفصل بينهما بجلوس" ، متفق عليه.
ومن سننهما: أن يخطب قائما؛ لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم، ولقوله: {وَتَرَكُوكَ قَائِماً} ، وعمل المسلمين عليه.
ويسن أن يعتمد على عصا ونحوه.
ويسن أن يقصد تلقاء وجهه؛ لفعله صلى الله عليه وسلم، ولأن التفاته إلى أحد جانبيه إعراض عن الآخر ومخالفة للسنة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يقصد تلقاء وجهه في الخطبة، ويستقبله الحاضرون بوجوههم؛ لقول ابن مسعود رضي الله عنه: "كان إذا استوى على المنبر؛ استقبلناه بوجوهنا" ، رواه الترمذي.
ويسن أن يقصر الخطبة تقصيرًا معتدلاً؛ بحيث لا يملوا وتنفر نفوسهم، ولا يقصرها تقصيرًا مخلاً؛ فلا يستفيدون منها؛ فقد روى الإمام مسلم عن عمار مرفوعا: "إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه؛ فأطيلوا الصلاة، واقصروا الخطبة"، ومعنى قوله: "مئنة من فقه"؛ أي: علامة على فقهه
ويسن أن يرفع صوته بها؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب؛ علا صوته، واشتد غضبه، لأن ذلك أوقع في النفوس، وأبلغ في الوعظ، وأن يلقيها بعبارات واضحة قوية مؤثرة وبعبارات جزلة.
ويسن أن يدعو للمسلمين بما فيه صلاح دينهم ودنياهم، ويدعو لإمام المسلمين وولاة أمورهم بالصلاح والتوفيق، وكان الدعاء لولاة الأمور في الخطبة معروفا عند المسلمين، وعليه عملهم؛ لأن الدعاء لولاة أمور المسلمين بالتوفيق والصلاح من منهج أهل السنة والجماعة، وتركه من منهج المبتدعة، قال الإمام أحمد: "لو كان لنا دعوة مستجابة؛ لدعونا بها للسلطان"، ولأن في صلاحه صلاح المسلمين.
وقد تركت هذه السنة حتى صار الناس يستغربون الدعاء لولاة الأمور ويسيئون الظن بمن يفعله.
ويسن إذا فرغ من الخطبتين أن تقام الصلاة مباشرة، وأن يشرع في الصلاة من غير فصل طويل.
-
قال علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي الدمشقي الصالحي في الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل :( فوائد .
منها : قوله: "ويعتمد على سيف أو قوس أو عصى".
بلا نزاع وهو مخير بين أن يكون ذلك في يمناه أو يسراه ووجه في الفروع توجيها يكون في يسراه وأما اليد الأخرى فيعتمد بها على حرف المنبر أو يرسلها وإذا لم يعتمد على شيء أمسك يمينه بشماله أو أرسلهما)0
-
بالنسبة للسيف فقد سبق كلام ابن القيم رحمه الله في الزاد وهو قوله رحمه الله :(وكان إذا قام يخطب، أخذ عصاً، فتوكَّأ عليها وهو على المنبر، كذا ذكره عنه أبو داود عن ابن شهاب، وكان الخلفاءُ الثلاثةُ بعده يفعلون ذلك، وكان أحياناً يتوكأْ على قوس، ولم يُحفظ عنه أنه توكأ على سيف، وكثيرٌ من الجهلة يظن أنه كان يُمْسِكُ السيفَ على المنبر إشارة إلى أن الدين إنما قام بالسيف، وهذا جهل قبيح من وجهين، أحدهما: أن المحفوظَ أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توكأ على العصا وعلى القوس. الثاني: أن الدين إنما قام بالوحي، وأمّا السيف، فَلِمَحْقِ أهل الضلال والشرك، ومدينةُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التي كان يخطب فيها إنما فُتِحَت بالقُرآن، ولم تُفتح بالسيف)0