المفرق
03-01-2006, 02:19 AM
السؤال : من له تكفير المسلم المعين ؟
الجواب :
الحكم بالردة والخروج من الدين من صلاحيات أهل العلم الراسخين في العلم، وهُم القضاة في المحاكم الشرعية؛ كغيرها من القضايا، وليس من حق كل أحد، أو من حق أنصاف المتعلمين أو المنتسبين إلى العلم، والذين ينقصهم الفقه في الدين، ليس من صلاحياتهم أن يحكموا بالردة؛ لأن هذا يلزم منه الفساد، وقد يحكمون على المسلم بالردة، وهو ليس كذلك، وتكفير المسلم الذي لم يرتكب ناقضًا من نواقض الإسلام فيه خطورة عظيمة، ومن قال لأخيه: يا كافر! أو: يا فاسق! وهو ليس كذلك؛ فإن هذا الكلام يعود على قائله؛ فالذين يحكمون بالردة هم القضاة الشرعيون، والذين ينفذون هذا الحكم هم ولاة أمور المسلمين، وما عدا هذا؛ فهو فوضى وشر.[ شريط مسجل سننزله صوتيا - إن شاء الله -]
السؤال : كثر في هذه الفترة السب والطعن في العلمـاء الكبار والحكم عليهم بالكفر والفسق لا سيما بعدما صدرت بعض الفتاوى في التفجيرات، وأن عند علمائنا ضعفا في الولاء والبراء فأرجو أن توجهوا لنا نصيحة في هذا الموضوع وما حكم الرد على الشاب القائل بهذا ؟ .
الجـواب / على الجاهل أن لا يتكلم، وأن يسكت ويخاف الله عز وجل ولايتكلم بغير علم قال الله تعالى : قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) .
فلا يجوز للجاهل أن يتكلم في مسائل العلم ولا سيما المسائل الكبار مثل التكفير، وأيضاً الغيبة والنميمة، والوقيعة في أعراض ولاة الأمور، والوقيعة في أعراض العلماء ، فهذه أشد أنواع الغيبة . نسأل الله العافية !!
فهذا الأمر لا يجوز .
وهذه الأحداث وأمثالها من شئون أهل الحل والعقد، هم الذين يتباحثون فيها ويتشاورون، ومن شؤون العلماء فهم الذين يبينون حكمها الشرعي .
أما عامة الناس والعوام والطلبة المبتدئين فليس هذا من شأنهم، قال الله
جل وعلا : وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً . فالواجب إمساك اللسان عن القول في هذه المسائل. لا سيما التكفير، ولا سيما الولاء والبراء .
الإنسان قد يحكم على الناس بالضلال والكفر وهو مخطئ، ويرجع حكمه عليه. لأن الإنسان إذا قال لأخيه يا كافر أو فاسق وهو ليس كذلك رجع ذلك عليه والعياذ بالله .
الأمر خطير جداً فعلى كل من يخاف الله أن يمسك لسانه، إلا إن كان ممن وُكل إليه الأمر وهو من أهل الشأن، بأن يكون من ولاة الأمر أو من العلماء فهذا لابد أن يبحث في هذه المسألة.
أما إن كان من عامة الناس ومن صغار الطلبة فليس له الحق في أن يصدر الأحكام ويحكم على الناس ويقع في أعراض الناس وهو جاهل ويغتاب وينم ويتكلم في التكفير والتفسيق وغير ذلك، فهذا كله يرجع إليه، ولا يضر المتكَلَّم فيه، وإنما يرجع إليه .
فعلى المسلم أن يمسك لسانه وألا يتكلف ما لا يعنيه ، أما أن يتناول الأحكام الشرعية ويُخطِّي ويصوب ويتكلم في أعراض ولاة الأمور وفي أعراض العلماء ويحكم عليهم بالكفر أو بالضلال، فهذا خطر عظيم عليه، وأما هم فلا يضرهم كلامه فيهم .
وقبض العلم إنما يكون بموت اللعلماء : هو ما أخبر عنه النبي بقوله : ( إن الله لا يقبض العلم انتـزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ) .
والله هذا هو الواقع اليوم، الآن رؤوس جهال يتكلمون بأحكام الشريعة ويوجهون الناس ويحاضرون ويخطبون وليس عندهم من العلم والفقه شيء، إنما عندهم تهريج، وتهييج، قال فلان وقال فلان، شغلوا الناس بالقيل والقال وهذا مصداق ما أخبر به النبي ، اتخذ الناس رؤوساً جهالاً ) .
ومع الأسف يسميهم الناس علماء، ولا حول ولا قوة إلا بالله. في حين لو تسأله عن نازلة من النوازل أو حكم شرعي فإنه لايستطيع أن يجيبك بجواب صحيح، لأنه يقول هذا ليس بعلم، العلم هو الثقافة السياسية وفقه الواقع، فحُرمِوا العلم والعياذ بالله، نسأل الله العافية .[الأجوبــةُ المُفيدَة عَن أَسئِلَة المنَاهِجِ الجدِيَدة ص175/..]
التكفير وضوابطه
الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان /عضو هيئة كبار العلماء
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه وبعد:
فالتكفير معناه الحكم على مسلم بالكفر لسبب من الأسباب المقتضية لذلك والناس في هذا الباب طرفان ووسط فالطرف الأول الخوارج قديماً وحديثاً الذين يغلون في التكفير فيكفرون المسلمين بكبائر الذنوب التي هي دون الشرك والكفر وهذا مذهب باطل لأن الله تعالى يقول: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء.}ويقول النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل أنه قال: (يا ابن آدم لو لقيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة) وقراب الأرض ملؤها أو ما يقارب ملأها. والطرف الثاني مَنْ يرى أن المسلم لا يكفر ولو عمل ما عمل من فعل المحرمات وترك الواجبات ما دام أنه مصدق في قلبه بالله ودينه لأن الإيمان عندهم هو التصديق بالقلب ولا يدخل في تعريفه وحقيقته العمل وهذا مذهب المرجئة قديماً وحديثاً ويتبناه اليوم كثير من الكتاب الذين لم يدرسوا عقيدة السلف فيرون أنه لا يجوز التكفير مطلقاً لأنه عندهم تشدد وغلو وتطرف ولو ارتكب الإنسان كل النواقض حتى إنهم لا يكفرون اليهود والنصارى الذين يكفرون برسالة محمد ژ ويقولون المسيح ابن الله وعزير ابن الله ويقولون: {يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ} ويقولون: {إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء}}. ويقولون: {إنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ} ومع ذلك لا يكفرونهم وهذا غلو في الإرجاء وإمعان في الضلال لأن الله كَفَّرَ مَنْ لم يؤمن برسالة محمد صلى الله عليه وسلم سواء من أهل الكتاب أو غيرهم. قال تعالى: {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ} وقال تعالى: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَة}{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَم }لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ}{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّة}{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}وهذا مذهب باطل يتيح لكل مفسد وكل ضال ومنحرف أن يفعل ما يشاء من أنواع الردة والإفساد، ويمنح هؤلاء اسم الإسلام. والمذهب الأول باطل أيضاً لأنه يحكم على كثير من المسلمين بالكفر لمجرد ارتكاب الذنوب التي هي دون الشرك والكفر ويسبب سفك الدماء المعصومة وإزهاق الأنفس البريئة وتفريق كلمة المسلمين بالخروج على أئمتهم وحل دولتهم ويسبب القيام بالتفجيرات والترويع ويخل بالأمن مما هو واقع اليوم ممن تبنوا هذا الرأي الباطل والمذهب الفاسد ويحقق رغبات الكفار ويتيح لهم التدخل في شؤون المسلمين بحجة حمايتهم من الإرهاب مع أن الكفار في الحقيقة هم الذين يغذون الإرهاب ويحمون الإرهابيين ليقضوا بهم أغراضهم في ضرب المسلمين وإضعافهم كما هو الواقع الآن وكل من فريقي الخوارج والمرجئة أخذ بالمتشابه من الأدلة فالخوارج أخذوا بنصوص الوعيد والمرجئة أخذوا بنصوص الوعد والمذهب الوسط والقول الحق في هذه المسألة ما عليه أهل السنة والجماعة وهو الجمع بين نصوص الوعد ونصوص الوعيد عملاًَ بقول الله تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ، رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ، رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ.}
فأهل السنة يقولون بأن مرتكب الكبيرة التي هي دون الشرك والكفر معرض للوعيد لكنه تحت مشيئة الله إن شاء عذبه بقدر ذنوبه وإن شاء الله عفا عنه ولم يعذبه لقول الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء}، وإذا عذبه بذنوبه فإنه لا يخلد في النار بل يخرج منها ويدخل الجنة بما معه من التوحيد والإيمان فليس هو بمؤمن كامل الإيمان كما تقوله المرجئة وليس بكافر خارج من الإيمان كما تقوله الخوارج، ولا يحكمون على مسلم بالكفر إلا إذ ارتكب ناقضاً من نواقض الإسلام المتفق عليها والمعروفة عند العلماء ولابد أن تتوفر شروط للحكم بالردة أو الكفر على مَنْ ظاهره الإسلام وهي:
1 - ألا يكون جاهلاً معذوراً بالجهل كالذي يُسلم حديثاً ولم يتمكن من معرفة الأحكام الشرعية أو يعيش في بلاد منقطعة عن الإسلام ولم يبلغه القرآن على وجه يفهمه أو يكون الحكم خفياً يحتاج إلى بيان.
2 - ألا يكون مكرهاً يريد التخلص من الإكراه فقط كما قال تعالى: {مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }دلت الآية على أن من تلفظ بالكفر مكرهاً وقلبه مطمئن بالإيمان يريد التخلص لا يكفر.
3 - ألا يكون متأولاً تأولاً يظنه صحيحاً فلابد أن يبين له خطأ تاويله .
4 - ألا يكون مقلداً لمن ظنه على حق إذا كان هذا المقلد يجهل الحكم حتى يبين له ضلال من يقلده.
5 - أن يكون الذي يتولى الحكم عليه بالردة من العلماء الراسخين في العلم الذين ينزلون الأحكام على مواقعها الصحيحة فلا يكون الذي يحكم بالكفر جاهلاً أو متعالماً.
وأخيراً فإن إخراج مسلم من الإسلام بدون دليل صحيح واضح يعد أمراً خطيراً كما قال النبي ژ: (من قال لأخيه يا كافر يا فاسق أو عدو الله وهو ليس كذلك رجع عليه أو حار عليه) نسأل الله العافية وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
الجواب :
الحكم بالردة والخروج من الدين من صلاحيات أهل العلم الراسخين في العلم، وهُم القضاة في المحاكم الشرعية؛ كغيرها من القضايا، وليس من حق كل أحد، أو من حق أنصاف المتعلمين أو المنتسبين إلى العلم، والذين ينقصهم الفقه في الدين، ليس من صلاحياتهم أن يحكموا بالردة؛ لأن هذا يلزم منه الفساد، وقد يحكمون على المسلم بالردة، وهو ليس كذلك، وتكفير المسلم الذي لم يرتكب ناقضًا من نواقض الإسلام فيه خطورة عظيمة، ومن قال لأخيه: يا كافر! أو: يا فاسق! وهو ليس كذلك؛ فإن هذا الكلام يعود على قائله؛ فالذين يحكمون بالردة هم القضاة الشرعيون، والذين ينفذون هذا الحكم هم ولاة أمور المسلمين، وما عدا هذا؛ فهو فوضى وشر.[ شريط مسجل سننزله صوتيا - إن شاء الله -]
السؤال : كثر في هذه الفترة السب والطعن في العلمـاء الكبار والحكم عليهم بالكفر والفسق لا سيما بعدما صدرت بعض الفتاوى في التفجيرات، وأن عند علمائنا ضعفا في الولاء والبراء فأرجو أن توجهوا لنا نصيحة في هذا الموضوع وما حكم الرد على الشاب القائل بهذا ؟ .
الجـواب / على الجاهل أن لا يتكلم، وأن يسكت ويخاف الله عز وجل ولايتكلم بغير علم قال الله تعالى : قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) .
فلا يجوز للجاهل أن يتكلم في مسائل العلم ولا سيما المسائل الكبار مثل التكفير، وأيضاً الغيبة والنميمة، والوقيعة في أعراض ولاة الأمور، والوقيعة في أعراض العلماء ، فهذه أشد أنواع الغيبة . نسأل الله العافية !!
فهذا الأمر لا يجوز .
وهذه الأحداث وأمثالها من شئون أهل الحل والعقد، هم الذين يتباحثون فيها ويتشاورون، ومن شؤون العلماء فهم الذين يبينون حكمها الشرعي .
أما عامة الناس والعوام والطلبة المبتدئين فليس هذا من شأنهم، قال الله
جل وعلا : وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً . فالواجب إمساك اللسان عن القول في هذه المسائل. لا سيما التكفير، ولا سيما الولاء والبراء .
الإنسان قد يحكم على الناس بالضلال والكفر وهو مخطئ، ويرجع حكمه عليه. لأن الإنسان إذا قال لأخيه يا كافر أو فاسق وهو ليس كذلك رجع ذلك عليه والعياذ بالله .
الأمر خطير جداً فعلى كل من يخاف الله أن يمسك لسانه، إلا إن كان ممن وُكل إليه الأمر وهو من أهل الشأن، بأن يكون من ولاة الأمر أو من العلماء فهذا لابد أن يبحث في هذه المسألة.
أما إن كان من عامة الناس ومن صغار الطلبة فليس له الحق في أن يصدر الأحكام ويحكم على الناس ويقع في أعراض الناس وهو جاهل ويغتاب وينم ويتكلم في التكفير والتفسيق وغير ذلك، فهذا كله يرجع إليه، ولا يضر المتكَلَّم فيه، وإنما يرجع إليه .
فعلى المسلم أن يمسك لسانه وألا يتكلف ما لا يعنيه ، أما أن يتناول الأحكام الشرعية ويُخطِّي ويصوب ويتكلم في أعراض ولاة الأمور وفي أعراض العلماء ويحكم عليهم بالكفر أو بالضلال، فهذا خطر عظيم عليه، وأما هم فلا يضرهم كلامه فيهم .
وقبض العلم إنما يكون بموت اللعلماء : هو ما أخبر عنه النبي بقوله : ( إن الله لا يقبض العلم انتـزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ) .
والله هذا هو الواقع اليوم، الآن رؤوس جهال يتكلمون بأحكام الشريعة ويوجهون الناس ويحاضرون ويخطبون وليس عندهم من العلم والفقه شيء، إنما عندهم تهريج، وتهييج، قال فلان وقال فلان، شغلوا الناس بالقيل والقال وهذا مصداق ما أخبر به النبي ، اتخذ الناس رؤوساً جهالاً ) .
ومع الأسف يسميهم الناس علماء، ولا حول ولا قوة إلا بالله. في حين لو تسأله عن نازلة من النوازل أو حكم شرعي فإنه لايستطيع أن يجيبك بجواب صحيح، لأنه يقول هذا ليس بعلم، العلم هو الثقافة السياسية وفقه الواقع، فحُرمِوا العلم والعياذ بالله، نسأل الله العافية .[الأجوبــةُ المُفيدَة عَن أَسئِلَة المنَاهِجِ الجدِيَدة ص175/..]
التكفير وضوابطه
الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان /عضو هيئة كبار العلماء
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه وبعد:
فالتكفير معناه الحكم على مسلم بالكفر لسبب من الأسباب المقتضية لذلك والناس في هذا الباب طرفان ووسط فالطرف الأول الخوارج قديماً وحديثاً الذين يغلون في التكفير فيكفرون المسلمين بكبائر الذنوب التي هي دون الشرك والكفر وهذا مذهب باطل لأن الله تعالى يقول: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء.}ويقول النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل أنه قال: (يا ابن آدم لو لقيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة) وقراب الأرض ملؤها أو ما يقارب ملأها. والطرف الثاني مَنْ يرى أن المسلم لا يكفر ولو عمل ما عمل من فعل المحرمات وترك الواجبات ما دام أنه مصدق في قلبه بالله ودينه لأن الإيمان عندهم هو التصديق بالقلب ولا يدخل في تعريفه وحقيقته العمل وهذا مذهب المرجئة قديماً وحديثاً ويتبناه اليوم كثير من الكتاب الذين لم يدرسوا عقيدة السلف فيرون أنه لا يجوز التكفير مطلقاً لأنه عندهم تشدد وغلو وتطرف ولو ارتكب الإنسان كل النواقض حتى إنهم لا يكفرون اليهود والنصارى الذين يكفرون برسالة محمد ژ ويقولون المسيح ابن الله وعزير ابن الله ويقولون: {يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ} ويقولون: {إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء}}. ويقولون: {إنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ} ومع ذلك لا يكفرونهم وهذا غلو في الإرجاء وإمعان في الضلال لأن الله كَفَّرَ مَنْ لم يؤمن برسالة محمد صلى الله عليه وسلم سواء من أهل الكتاب أو غيرهم. قال تعالى: {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ} وقال تعالى: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَة}{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَم }لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ}{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّة}{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}وهذا مذهب باطل يتيح لكل مفسد وكل ضال ومنحرف أن يفعل ما يشاء من أنواع الردة والإفساد، ويمنح هؤلاء اسم الإسلام. والمذهب الأول باطل أيضاً لأنه يحكم على كثير من المسلمين بالكفر لمجرد ارتكاب الذنوب التي هي دون الشرك والكفر ويسبب سفك الدماء المعصومة وإزهاق الأنفس البريئة وتفريق كلمة المسلمين بالخروج على أئمتهم وحل دولتهم ويسبب القيام بالتفجيرات والترويع ويخل بالأمن مما هو واقع اليوم ممن تبنوا هذا الرأي الباطل والمذهب الفاسد ويحقق رغبات الكفار ويتيح لهم التدخل في شؤون المسلمين بحجة حمايتهم من الإرهاب مع أن الكفار في الحقيقة هم الذين يغذون الإرهاب ويحمون الإرهابيين ليقضوا بهم أغراضهم في ضرب المسلمين وإضعافهم كما هو الواقع الآن وكل من فريقي الخوارج والمرجئة أخذ بالمتشابه من الأدلة فالخوارج أخذوا بنصوص الوعيد والمرجئة أخذوا بنصوص الوعد والمذهب الوسط والقول الحق في هذه المسألة ما عليه أهل السنة والجماعة وهو الجمع بين نصوص الوعد ونصوص الوعيد عملاًَ بقول الله تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ، رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ، رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ.}
فأهل السنة يقولون بأن مرتكب الكبيرة التي هي دون الشرك والكفر معرض للوعيد لكنه تحت مشيئة الله إن شاء عذبه بقدر ذنوبه وإن شاء الله عفا عنه ولم يعذبه لقول الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء}، وإذا عذبه بذنوبه فإنه لا يخلد في النار بل يخرج منها ويدخل الجنة بما معه من التوحيد والإيمان فليس هو بمؤمن كامل الإيمان كما تقوله المرجئة وليس بكافر خارج من الإيمان كما تقوله الخوارج، ولا يحكمون على مسلم بالكفر إلا إذ ارتكب ناقضاً من نواقض الإسلام المتفق عليها والمعروفة عند العلماء ولابد أن تتوفر شروط للحكم بالردة أو الكفر على مَنْ ظاهره الإسلام وهي:
1 - ألا يكون جاهلاً معذوراً بالجهل كالذي يُسلم حديثاً ولم يتمكن من معرفة الأحكام الشرعية أو يعيش في بلاد منقطعة عن الإسلام ولم يبلغه القرآن على وجه يفهمه أو يكون الحكم خفياً يحتاج إلى بيان.
2 - ألا يكون مكرهاً يريد التخلص من الإكراه فقط كما قال تعالى: {مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }دلت الآية على أن من تلفظ بالكفر مكرهاً وقلبه مطمئن بالإيمان يريد التخلص لا يكفر.
3 - ألا يكون متأولاً تأولاً يظنه صحيحاً فلابد أن يبين له خطأ تاويله .
4 - ألا يكون مقلداً لمن ظنه على حق إذا كان هذا المقلد يجهل الحكم حتى يبين له ضلال من يقلده.
5 - أن يكون الذي يتولى الحكم عليه بالردة من العلماء الراسخين في العلم الذين ينزلون الأحكام على مواقعها الصحيحة فلا يكون الذي يحكم بالكفر جاهلاً أو متعالماً.
وأخيراً فإن إخراج مسلم من الإسلام بدون دليل صحيح واضح يعد أمراً خطيراً كما قال النبي ژ: (من قال لأخيه يا كافر يا فاسق أو عدو الله وهو ليس كذلك رجع عليه أو حار عليه) نسأل الله العافية وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.