أبو عبدالله الأثري
12-23-2004, 03:23 PM
و في الحديث ( 1 ) رد على استنباط ابن أبي جمرة من قوله صلى الله عليه و سلم فيه : (( لم تغش الوجه )) ، و نحوه الحديث الآتي بعده : (( إلا دارات الوجوه )) : (( أن من كل من مسلما و لكنه كان لا يصلي لا يخرج [ من النار ] إذ لا علامة له )) !
و لذلك تعقبه الحافظ بقوله ( 11 / 457 ) :
(( لكنه يحمل على أنه يخرج في القبضة ، لعموم قوله : (( لم يعملوا خيرا قط )) ، و هو مذكور في حديث أبي سعيد الآتي في ( التوحيد ) )) .
يعني هذا الحديث .
و قد فات الحافظ – رحمه الله – أن في الحديث نفسه تعقبا على ابن أبي جمرة من وجه آخر ، و هو أن المؤمنين لما شفعهم الله في إخوانهم المصلين و الصائمين و غيرهم في المرة الأولى ، فأخرجوهم من النار بالعلامة ، فلما شفعوا في المرات الأخرى ، و أخرجوا بشرا كثيرا ، لم يكن فيهم مصلون بداهة ، و إنما فيهم من الخير كل حسب إيمانهم .
و هذا ظاهر جدا لا يخفى على أحد إن شاء الله .
مباحث و مناقشات :
و على ذلك فالحديث دليل قاطع على أن تارك الصلاة إذا مات مسلما يشهد أن لا إله إلا الله : أنه لا يخلد في النار مع المشركين .
ففيه دليل قوي جدا أنه داخل تحت مشيئة الله تعالى في قوله : {إن الله لا يغفر أن يشرك به ، و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء }.
و قد روى الإمام أحمد في (( مسنده )) ( 6 / 240 ) حديثا صريحا في هذا من رواية عائشة رضي الله عنها ، مرفوعا بلفظ : (( الدواوين عند الله عز و جل ثلاثة ... )) الحديث ...
وفيه :
" ... فأما الديوان الذي لا يغفره الله فالشرك بالله ، قال عز وجل : {من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة } .
وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئاً فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه من صوم يوم تركه ، أو صلاة تركها ، فإن الله عز وجل يغفر ذلك ويتجاوز إن شاء ... " الحديث ...
و قد صححه الحاكم ( 4 / 576 ) .
و هذا و إن كان غير مسلم عندي لما بينته في (( تخريج الطحاوية )) ( ص 384) ، فإنه يشهد له هذا الحديث الصحيح ، - حديث الترجمة - فتنبه .
إذا عرفت ما سلف – يا أخي المسلم – فإن عجبي لا يكاد ينتهي من إغفال جماهير المؤلفين الذين توسعوا في الكتابة في هذه المسألة الهامة ألا و هي : هل يكفر تارك الصلاة كسلا أم لا ؟
لقد غفلوا جميعا – فيما اطلعت – عن إيراد هذا الحديث الصحيح مع اتفاق الشيخين و غيرهما على صحته !
لم يذكره من هو حجة له ، و لم يجب عنه من هو حجة عليه ! و بخاصة منهم الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى ، فإنه مع توسعه في سوق أدلة المختلفين في كتابه القيم (( الصلاة )) ، وجواب كل منهم عن أدلة مخالفه ؛ فإنه لم يذكر هذا الحديث في أدلة المانعين من التكفير ؛ إلا مختصرا اختصارا مخلا ، لا يظهر دلالته الصريحة على أن الشفاعة تشمل تارك الصلاة أيضا ؛ فقد قال رحمه الله :
(( و في حديث الشفاعة : يقول الله عز و جل : (( و عزتي و جلالي ، لأخرجن من النار من قال لا إله إلا الله )) ؛ و فيه : فيخرج من النار من لم يعمل خيرا قط )) .
قلت : و هذا السياق ملفق من حديثين :
فالشطر الأول منه : هو في آخر حديث أنس المتفق عليه و قد سبق أن ذكرت ( ص 54) الطرف الأخير منه .
و الشطر الآخر هو في حديث الكتاب :
(( ... فيقبض قبضة من النار ناسا لم يعملوا لله خيرا قط ... )) .
و أما أن اختصاره اختصار مخل ، فهو واضح جدا إذا تذكرت أيها القارئ الكريم ما سبق أن استدركته على الحافظ ( ص 57) متمما به تعقيبه على ابن أبي جمرة ؛ مما يدل على أن شفاعة المؤمنين كانت لغير المصلين في المرة الثانية و ما بعدها ، و أنهم أخرجوهم من النار .
فهذا نص قاطع في المسألة ينبغي به أن يزول النزاع في هذه المسألة بين أهل العلم الذين تجمعهم العقيدة الواحدة التي منها عدم تكفير أهل الكبائر من الأمة المحمدية ؛ و بخاصة في هذا الزمان الذي توسع فيه بعض المنتمين إلى العلم في تكفير المسلمين لإهمالهم القيام بما يجب عليهم عمله ، مع سلامة عقيدتهم ؛ خلافا للكفار الذين لا يصلون تدينا و عقيدة ، و الله سبحانه و تعالى يقول : {أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون } ؟!
.. لما تقدم كنت أحب لابن القيم رحمه الله أن لا يغفل ذكر هذا الحديث الصحيح كدليل صريح للمانعين من التكفير ، و أن يجيب عنه إن كان لديه – رحمه الله – جواب ، و بذلك يكون قد أعطى البحث و الإنصاف الفريقين دون تحيز لفئة .
( 1 ) أعني حديث أبي سعيد - الذي هو أصل هذا البحث- .
حكم
تارك الصلاة
بقلم العلامة المحدث
محمد ناصر الدين الألباني
قام على نشره
علي بن حسن بن علي بن عبد الحميد
الحلبي الأثري
الطبعة الأولي للطبعة الجديدة
1422 هـ - 2002م
----------------------------------------------------------------------------------------------
فاقول ارجعوا الى كلام الاخ أبوعلي الاثري ( بحث قيم: في توجيه حديث "لم يعملوا خيرا قط" والرد على استدلال المخالف به.. )
و كلام الشيخ الفوزان في هذا الحديث (( لم يعملوا خيرا قط ))
و شكرا .....
و لذلك تعقبه الحافظ بقوله ( 11 / 457 ) :
(( لكنه يحمل على أنه يخرج في القبضة ، لعموم قوله : (( لم يعملوا خيرا قط )) ، و هو مذكور في حديث أبي سعيد الآتي في ( التوحيد ) )) .
يعني هذا الحديث .
و قد فات الحافظ – رحمه الله – أن في الحديث نفسه تعقبا على ابن أبي جمرة من وجه آخر ، و هو أن المؤمنين لما شفعهم الله في إخوانهم المصلين و الصائمين و غيرهم في المرة الأولى ، فأخرجوهم من النار بالعلامة ، فلما شفعوا في المرات الأخرى ، و أخرجوا بشرا كثيرا ، لم يكن فيهم مصلون بداهة ، و إنما فيهم من الخير كل حسب إيمانهم .
و هذا ظاهر جدا لا يخفى على أحد إن شاء الله .
مباحث و مناقشات :
و على ذلك فالحديث دليل قاطع على أن تارك الصلاة إذا مات مسلما يشهد أن لا إله إلا الله : أنه لا يخلد في النار مع المشركين .
ففيه دليل قوي جدا أنه داخل تحت مشيئة الله تعالى في قوله : {إن الله لا يغفر أن يشرك به ، و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء }.
و قد روى الإمام أحمد في (( مسنده )) ( 6 / 240 ) حديثا صريحا في هذا من رواية عائشة رضي الله عنها ، مرفوعا بلفظ : (( الدواوين عند الله عز و جل ثلاثة ... )) الحديث ...
وفيه :
" ... فأما الديوان الذي لا يغفره الله فالشرك بالله ، قال عز وجل : {من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة } .
وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئاً فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه من صوم يوم تركه ، أو صلاة تركها ، فإن الله عز وجل يغفر ذلك ويتجاوز إن شاء ... " الحديث ...
و قد صححه الحاكم ( 4 / 576 ) .
و هذا و إن كان غير مسلم عندي لما بينته في (( تخريج الطحاوية )) ( ص 384) ، فإنه يشهد له هذا الحديث الصحيح ، - حديث الترجمة - فتنبه .
إذا عرفت ما سلف – يا أخي المسلم – فإن عجبي لا يكاد ينتهي من إغفال جماهير المؤلفين الذين توسعوا في الكتابة في هذه المسألة الهامة ألا و هي : هل يكفر تارك الصلاة كسلا أم لا ؟
لقد غفلوا جميعا – فيما اطلعت – عن إيراد هذا الحديث الصحيح مع اتفاق الشيخين و غيرهما على صحته !
لم يذكره من هو حجة له ، و لم يجب عنه من هو حجة عليه ! و بخاصة منهم الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى ، فإنه مع توسعه في سوق أدلة المختلفين في كتابه القيم (( الصلاة )) ، وجواب كل منهم عن أدلة مخالفه ؛ فإنه لم يذكر هذا الحديث في أدلة المانعين من التكفير ؛ إلا مختصرا اختصارا مخلا ، لا يظهر دلالته الصريحة على أن الشفاعة تشمل تارك الصلاة أيضا ؛ فقد قال رحمه الله :
(( و في حديث الشفاعة : يقول الله عز و جل : (( و عزتي و جلالي ، لأخرجن من النار من قال لا إله إلا الله )) ؛ و فيه : فيخرج من النار من لم يعمل خيرا قط )) .
قلت : و هذا السياق ملفق من حديثين :
فالشطر الأول منه : هو في آخر حديث أنس المتفق عليه و قد سبق أن ذكرت ( ص 54) الطرف الأخير منه .
و الشطر الآخر هو في حديث الكتاب :
(( ... فيقبض قبضة من النار ناسا لم يعملوا لله خيرا قط ... )) .
و أما أن اختصاره اختصار مخل ، فهو واضح جدا إذا تذكرت أيها القارئ الكريم ما سبق أن استدركته على الحافظ ( ص 57) متمما به تعقيبه على ابن أبي جمرة ؛ مما يدل على أن شفاعة المؤمنين كانت لغير المصلين في المرة الثانية و ما بعدها ، و أنهم أخرجوهم من النار .
فهذا نص قاطع في المسألة ينبغي به أن يزول النزاع في هذه المسألة بين أهل العلم الذين تجمعهم العقيدة الواحدة التي منها عدم تكفير أهل الكبائر من الأمة المحمدية ؛ و بخاصة في هذا الزمان الذي توسع فيه بعض المنتمين إلى العلم في تكفير المسلمين لإهمالهم القيام بما يجب عليهم عمله ، مع سلامة عقيدتهم ؛ خلافا للكفار الذين لا يصلون تدينا و عقيدة ، و الله سبحانه و تعالى يقول : {أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون } ؟!
.. لما تقدم كنت أحب لابن القيم رحمه الله أن لا يغفل ذكر هذا الحديث الصحيح كدليل صريح للمانعين من التكفير ، و أن يجيب عنه إن كان لديه – رحمه الله – جواب ، و بذلك يكون قد أعطى البحث و الإنصاف الفريقين دون تحيز لفئة .
( 1 ) أعني حديث أبي سعيد - الذي هو أصل هذا البحث- .
حكم
تارك الصلاة
بقلم العلامة المحدث
محمد ناصر الدين الألباني
قام على نشره
علي بن حسن بن علي بن عبد الحميد
الحلبي الأثري
الطبعة الأولي للطبعة الجديدة
1422 هـ - 2002م
----------------------------------------------------------------------------------------------
فاقول ارجعوا الى كلام الاخ أبوعلي الاثري ( بحث قيم: في توجيه حديث "لم يعملوا خيرا قط" والرد على استدلال المخالف به.. )
و كلام الشيخ الفوزان في هذا الحديث (( لم يعملوا خيرا قط ))
و شكرا .....