بن حمد الأثري
12-02-2004, 09:38 PM
هذا ما نقله الشيخ ربيع بن هادي المدخلي - وفقه الله - أو تكلم به ... الجزء الأول
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ ربيع - وفقه الله - :
ومن جهود " أهل الحديث " العظيمة الباهرة : علم النقد ، [ والجرح والتعديل لرواة الأحاديث ، والآثار ] ، [ ولأهل العقائد ، والنِّحَل ، والبدع ، والضلال ] ، بل نقدهم لأهل البدع ، وجرحهم ، وطعنهم فيهم أشد وأقوى وأسـد .
فهذا نقدهم وجرحهم وتعديلهم [ للرواة ] [ ولأهل البدع ] ، [ تزخر به المكتبات من كتب الجرح والتعديل ، أو الجرح الخاص ] ، [ ومن كتب العقائد التي تذم أهل البدع ، وتجرحهم ] ، وتطحنهم طحناً ، مركزة على إخزائهم وفضحهم ، والتنكيل بهم ، دون هوادة ، ودون موازنة .
[ المحجة البيضاء ، ص 27 ]
وقال الحافظ ابن رجب – رحمه الله – عند تبيينه أن كلام العلماء وأئمة الجرح والتعديل في الأشخاص ليس بغيبة :
... وقد قَرَّرَ [ علماء الحديث هذا في كتبهم في الجرح والتعديل ] ، وذكـروا الفرق بين [ جرح الـرواة ] وبين الغيبة ، وردوا على من سوى بينهما من المتعبدين وغيرهم ممن لا يتسع علمه .
ثم قال - رحمه الله - :
[ ولا فرق بين الطعن في رواة ألفاظ الحديث ، ولا التمييز بين ما تُقبل روايته منهم ومن لا تُقبل ] ، [ وبين تبيين خطأ من أخطأ في فهم معاني الكتاب والسنة ، وتأول شيئاً منها على غير تأويله ، وتمسك بما لا يتمسك به ؛ ليحذر من الاقتداء به فيما أخطأ فيه ] (1) .
وقد [ أجمع العلماء ] على جواز ذلك - أيضاً - .
[ المحجة البيضاء ، ص 31 - 32 ]
وقال النووي - رحمه الله - في " رياض الصالحين " [ ص : ( 519 ) ، وانظر " صحيح الأذكار وضعيفه " للنووي ( 2 / 834 ) ] :
باب ما يباح من الغيبة : إعلم أن الغيبة تباح لغرض صحيح شرعي ، لا يمكن الوصول إليه إلا بها ، وهو ستة أبواب :
... الرابع : تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم : وذلك من وجوه ، منها :
[ جرح المجروحين ] من [ الرواة ] و[ الشهود ] (2)، وذلك جائز بإجماع المسلمين ، بل واجب للحاجة .
[ المحجة البيضاء ، ص 36-37 ]
عقد الإمام مسلم في مقدمة صحيحه(3)باباً عظيماً ، ساق فيه أقوال أئمة الإسلام في جرح الرواة ، الذين ساق أسماءهم في هذه المقدمة .
وترجم النووي لهذا الباب بقوله :
(( باب بيان أن الإسناد من الدين ، وأن الرواية لا تكون إلا عن الثقات ، وأن جرح الرواة بما فيهم جائز بل واجب ، وأنه ليس من الغيبة المحرمة ، بل من الذب عن الشريعة المكرمة )) .
روى مسلم في هذا الباب بإسناده إلى الإمام محمد بن سيرين أنه قال : (( إن هذا العلم دين ؛ فانظروا عمن تأخذون دينكم )) .
[ المحجة البيضاء ، ص 42 ]
قـال الإمام مسلم :
وأشباه ما ذكرناه من كلام أهل العلم في [ متهمي رواة الحديث ] ، [ وإخبارهم عن معايبهم كثير ] ، يطول الكتاب بذكره على استقصائه ، [ وفيما ذكرناه كفاية لمن تَفَهَّم وعَقَل مذهب القوم فيما قالوا من ذلك وبينوا ] .
وإنما ألزموا أنفسهم [ الكشف عن معايب رواة الحديث ، وناقلي الأخبار ، وأفتوا(4) بذلك حين سئلوا ] ؛ لما فيه من عظيم الخطر ؛ إذ الأخبار من أمر الدين إنما تأتي بتحليل أو تحريم ، أو أمر أو نهي ، أو ترغيب أو ترهيب ، فإذا كان الراوي لها ليس بمعدن للصدق والأمانة ، ثم أقدم على الرواية عنه من قد عرفه ، ولم يبين ما فيه لغيره ممن جهل معرفته ، كان آثماً في فعله ذلك ، غاشاً لعوام المسلمين ، إذ لا يؤمن على بعض من سمع تلك الأخبار أن يستعملها أو يستعمل بعضها ، ولعلها أو أكثرها أكاذيب لا أصل لها ، مع أن الأخبار الصحاح من رواية الثقات وأهل القناعة أكثر من أن يضطر إلى نقل من ليس بثقة ولا مقنع . [ مقدمة صحيح مسلم : ( 1 / 26 – 28 ) ] .
قال الشيخ ربيع - وفقه الله - معلقاً :
فهل ترى أثراً للموازنات في هؤلاء الذين [ طعن فيهم وجرحهم أئمة الإسلام ] ، [ سواء كانوا مبتدعين ] [ أو غيرهم ] ؟ .
[ المحجة البيضاء ، ص 46 ]
وقال الإمام الترمذي في كتاب " العلل " [ الجامع : ( 5 / 738 - 739 ) ] :
وقد عاب بعض من لا يفهم على أهل الحديث الكلام في الرجال ، وقد وجدنا غير واحد من الأئمة من التابعين قد تكلموا في الرجال ، منهم : "الحسن البصري" و"طاووس" ؛ تكلما في"معبد الجهني" ، وتكلم "سعيد ابن جبير" في "طلق بن حبيب" ، وتكلم "إبراهيم النخعي" و"عامر الشعبي" في "الحارث الأعور" ، وهكذا روي عن "أيوب السختياني" ، و"عبد الله بن عون"، و"سليمان التيمي" ، و"شعبة بن الحجاج"، و"سفيان الثوري" ، و"مالك ابن أنس" ، و"الأوزاعي" ، و"عبد الله بن المبارك" ، و"يحيى بن سعيد القطان" ، و"وكيع بن الجراح" ، و"عبد الرحمن ابن مهدي" ، [ وغيرهم من أهل العلم ؛ أنهم تكلموا في الرجال ] و[ ضعفوا ] .
وإنما حملهم على ذلك عندنا - والله أعلم - النصيحة .
لا يُظن بهؤلاء أنهم أرادوا الطعن على الناس ، أو الغيبة ؛ إنما أرادوا عندنا أن [ يبينوا ضعف هؤلاء لكي يُعرَفوا ] ؛ [ لأن بعضهم من الذين ضُعِّفوا كان صاحب بدعة ] ، [وبعضهم كان متهماً في الحديث ] ، وبعضهم كانوا أصحاب غفلة وكثرة خطأ ؛ فأراد هؤلاء الأئمة أن يبينوا أحوالهم شفقةً على الدين وتثبتاً ؛ لأن الشهادة في الدين أحق أن يُتَثبت فيها من الشهادة في الحقوق والأموال .
[ المحجة البيضاء ، ص 47 ]
قلت : فهل يكون مطلب الشيخ ربيع - وفقه الله - بإعمال قواعد هذا الفن أم أن ذلك من باب الفتوى والرجوع فيه يكون للعلماء ؟ .
وقال الشيخ ربيع - وفقه الله - :
ومن منطلق الحفاظ على الدين ، وعلى سنة خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم - ، وتمييز صحيحها من سقيمها ، ومعوجها من مستقيمها ، أَلَّفَ علماء السنة [ كتباً في بيان أحوال الـرواة ] ، من : عدالة ، وضبط ، أو جرح من كذب ، أو غلط ، أو [ بــدعة ] (5)، أو سوء حفظ .
من تلكم المؤلفات : المؤلفات الجامعة للثقات ، وغيرهم ، كـ"التأريخ الكبير" للبخاري ، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم ، وكتاب : "الكمال" لعبد الغني المقدسي و"تهذيبه" ، و"التذهيب" للدهبي ، و"تهذيب التهذيب" لابن حجر .
ومنها ما يختص بالثقات ، ككتاب : "الثقات" للعجلي ، و"الثقات" لابن حبان ، و"الثقات" لابن شاهين .
ومنها ما يختص بالضعفاء والمجروحين ، مثل : كتاب "الضعفاء الكبير" للإمام البخاري ، و"الضعفاء الصغير" له ، و"الضعفاء والمتروكين" للنسائي ، و"أحوال الرجال" للجوزجاني ، و"الضعفاء والكذابين والمتروكين" لأبي زرعة الرازي ، وكتاب : "المجروحين" لابن حبان ، و"الضعفاء" للعقيلي ، و"الضعفاء" للفلاس ، و"الكامل" لابن عدي ، و"الضعفاء" للأزدي ، و"الضعفاء والمتروكين" للدارقطني ، و"الضعفاء" للحاكم ، و"الضعفاء" لأبي نعيم ، و"الضعفاء" لابن البرقي ، و"الضعفاء" لابن السكن ، و"الضعفاء" لابن الجوزي ، و"ميزان الاعتدال" للذهبي ، و"المغني" لـه ، و"الديوان في الضعفاء" له ، و"الذيل على الضعفاء" ، و"ذيل الميزان" لأبي الفضل العراقي ، و"لسان الميزان" لابن حجر العسقلاني .
[ هذه الكتب وغيرها خصصت بالمجروحين ، والمتكلم فيهم ] ...
[ المحجة البيضاء ، ص 65 - 66 ]
قلت : هذه الكتب التي ذكرها الشيخ ربيع إنما هي للإستعانة على معرفة أحوال الرواة (6)، فقد قال في بداية الفقرة : ( أَلَّفَ علماء السنة كتباً في بيان أحوال الـرواة ) ، وذلك ليتمكن أهل الحديث من الحكم على الأحاديث والروايات من حيث القبول والرد ، فهذه الكتب ليست مخصصة لأهل البـدع إنما هـي لمعرفة الرواة ، ومنهم ومن يكون مبتدعا ضَالاً ، فإما أن تقبل روايته أو تُرد وذلك بالشروط المعروفة في هذا الفن .
وقال ابن أبي حاتم مبينا سبب قيام علم الجرح والتعديل كما عرفه أهله :
فلما لم نجد سبيلاً إلى معرفة شيء من معاني كتاب الله ، ولا من سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا من [ جهة النقل والرواية ] ؛ [ وجب أن نـميز بين عدول الناقلة والرواة وثقاتهم ] ، وأهل الحفظ والثبت والإتقان منهم ، وبين أهل الغفلة ، والوهم ، وسوء الحفظ ، والكذب ، واختراع الأحاديث الكاذبة .
قال الشيخ ربيع – وفقه الله - معلقاً :
وكذلك يجب في هذه الأزمان ، وفي هذا العصر بالذات ؛ التمييز بين أهل السنة المحضة ، الذابين عنها ، وبين أهل البدع ، والذين هم أشد خطراً على منهج السلف من المتلبسين ، والغشاشين ، الذين ألبسوا على أهل السنة دينهم ، وطعنوا في الناصحين المخلصين ، ومدحوا ودافعوا عن أئمة الضلال والزيغ ، وعن مناهجهم الضالة ، وأفكارهم المدمرة .
[ المحجة البيضاء ، ص 48 - 49 ]
وقال الشيخ ربيع -وفقه الله- :
الجرح العِلمُ يُشترط في الأمور الدقيقة ، في الأمور الخفيّة _ بارك الله فيك _ ، وفي فلان كذاب ، فلان متهم ، فلان سيئ الحفظ ، فلان كذا ، فلان مدلس _ بارك الله فيك _ وهو يعرف التدليس ، ويعرف اختلاف العلماء فيه ، ويعرف الجرح واختلاف العلماء فيه ، وما يَجرح وما لا يَجرح فإذا توّفرت هذه في الأشياء في شخص _ بارك الله فيك _ له أن يَجرح ، أو يُشترط في هذا اللون شيء من الدقة في الجرح ، أمّا مثل الأمور الظاهرة مثل واحد تارك صلاة وقالوا فلان تارك صلاة -والله فلان تارك صلاة- ، فلان يشرب خمر -والله فلان يشرب خمر- ، فلان ثوري يعني يحمل فكر الخوارج وهو واضح للناس _ بارك الله فيك _ ، فهذا من الأمور التي يُقبل فيها كلام العدل الثقة وخصوصا إذا كلامه مسّجل في أشرطة أو مُثبت في كتب ، فهذا ما يُشترط فيه مثل هذه الشروط ، يكفي أن يحليه أنه يقول قال كذا وهو في الكتاب الفلاني أو في الشريط الفلاني حتى ولم يكن عالما ، يُحال ويسمع هل هو صادق متثبت فيما قال أو هو مخطأ .(7)
الحواشي :
(1) فهو يـبين - رحمه الله - أن الجرح جرحان ، الأول فيما يخص الرواية والرواة ، والثاني في العقائد والمناهج .
(2) .
(3) ( 1 / 14 ـ 15 ) .
(4) فهي فتوى وخبـر في آن واحد .
(5) البدعة سبب مـن أسباب القدح في الراوي .
(6) أنظر قول ابن أبي حاتم بعد هذه الفقرة .
(7) شريط " الثناء العطر على كتاب مدارك النظر " .
شبكة الأثري السلفية www.alathary.net
**********
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ ربيع - وفقه الله - :
ومن جهود " أهل الحديث " العظيمة الباهرة : علم النقد ، [ والجرح والتعديل لرواة الأحاديث ، والآثار ] ، [ ولأهل العقائد ، والنِّحَل ، والبدع ، والضلال ] ، بل نقدهم لأهل البدع ، وجرحهم ، وطعنهم فيهم أشد وأقوى وأسـد .
فهذا نقدهم وجرحهم وتعديلهم [ للرواة ] [ ولأهل البدع ] ، [ تزخر به المكتبات من كتب الجرح والتعديل ، أو الجرح الخاص ] ، [ ومن كتب العقائد التي تذم أهل البدع ، وتجرحهم ] ، وتطحنهم طحناً ، مركزة على إخزائهم وفضحهم ، والتنكيل بهم ، دون هوادة ، ودون موازنة .
[ المحجة البيضاء ، ص 27 ]
وقال الحافظ ابن رجب – رحمه الله – عند تبيينه أن كلام العلماء وأئمة الجرح والتعديل في الأشخاص ليس بغيبة :
... وقد قَرَّرَ [ علماء الحديث هذا في كتبهم في الجرح والتعديل ] ، وذكـروا الفرق بين [ جرح الـرواة ] وبين الغيبة ، وردوا على من سوى بينهما من المتعبدين وغيرهم ممن لا يتسع علمه .
ثم قال - رحمه الله - :
[ ولا فرق بين الطعن في رواة ألفاظ الحديث ، ولا التمييز بين ما تُقبل روايته منهم ومن لا تُقبل ] ، [ وبين تبيين خطأ من أخطأ في فهم معاني الكتاب والسنة ، وتأول شيئاً منها على غير تأويله ، وتمسك بما لا يتمسك به ؛ ليحذر من الاقتداء به فيما أخطأ فيه ] (1) .
وقد [ أجمع العلماء ] على جواز ذلك - أيضاً - .
[ المحجة البيضاء ، ص 31 - 32 ]
وقال النووي - رحمه الله - في " رياض الصالحين " [ ص : ( 519 ) ، وانظر " صحيح الأذكار وضعيفه " للنووي ( 2 / 834 ) ] :
باب ما يباح من الغيبة : إعلم أن الغيبة تباح لغرض صحيح شرعي ، لا يمكن الوصول إليه إلا بها ، وهو ستة أبواب :
... الرابع : تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم : وذلك من وجوه ، منها :
[ جرح المجروحين ] من [ الرواة ] و[ الشهود ] (2)، وذلك جائز بإجماع المسلمين ، بل واجب للحاجة .
[ المحجة البيضاء ، ص 36-37 ]
عقد الإمام مسلم في مقدمة صحيحه(3)باباً عظيماً ، ساق فيه أقوال أئمة الإسلام في جرح الرواة ، الذين ساق أسماءهم في هذه المقدمة .
وترجم النووي لهذا الباب بقوله :
(( باب بيان أن الإسناد من الدين ، وأن الرواية لا تكون إلا عن الثقات ، وأن جرح الرواة بما فيهم جائز بل واجب ، وأنه ليس من الغيبة المحرمة ، بل من الذب عن الشريعة المكرمة )) .
روى مسلم في هذا الباب بإسناده إلى الإمام محمد بن سيرين أنه قال : (( إن هذا العلم دين ؛ فانظروا عمن تأخذون دينكم )) .
[ المحجة البيضاء ، ص 42 ]
قـال الإمام مسلم :
وأشباه ما ذكرناه من كلام أهل العلم في [ متهمي رواة الحديث ] ، [ وإخبارهم عن معايبهم كثير ] ، يطول الكتاب بذكره على استقصائه ، [ وفيما ذكرناه كفاية لمن تَفَهَّم وعَقَل مذهب القوم فيما قالوا من ذلك وبينوا ] .
وإنما ألزموا أنفسهم [ الكشف عن معايب رواة الحديث ، وناقلي الأخبار ، وأفتوا(4) بذلك حين سئلوا ] ؛ لما فيه من عظيم الخطر ؛ إذ الأخبار من أمر الدين إنما تأتي بتحليل أو تحريم ، أو أمر أو نهي ، أو ترغيب أو ترهيب ، فإذا كان الراوي لها ليس بمعدن للصدق والأمانة ، ثم أقدم على الرواية عنه من قد عرفه ، ولم يبين ما فيه لغيره ممن جهل معرفته ، كان آثماً في فعله ذلك ، غاشاً لعوام المسلمين ، إذ لا يؤمن على بعض من سمع تلك الأخبار أن يستعملها أو يستعمل بعضها ، ولعلها أو أكثرها أكاذيب لا أصل لها ، مع أن الأخبار الصحاح من رواية الثقات وأهل القناعة أكثر من أن يضطر إلى نقل من ليس بثقة ولا مقنع . [ مقدمة صحيح مسلم : ( 1 / 26 – 28 ) ] .
قال الشيخ ربيع - وفقه الله - معلقاً :
فهل ترى أثراً للموازنات في هؤلاء الذين [ طعن فيهم وجرحهم أئمة الإسلام ] ، [ سواء كانوا مبتدعين ] [ أو غيرهم ] ؟ .
[ المحجة البيضاء ، ص 46 ]
وقال الإمام الترمذي في كتاب " العلل " [ الجامع : ( 5 / 738 - 739 ) ] :
وقد عاب بعض من لا يفهم على أهل الحديث الكلام في الرجال ، وقد وجدنا غير واحد من الأئمة من التابعين قد تكلموا في الرجال ، منهم : "الحسن البصري" و"طاووس" ؛ تكلما في"معبد الجهني" ، وتكلم "سعيد ابن جبير" في "طلق بن حبيب" ، وتكلم "إبراهيم النخعي" و"عامر الشعبي" في "الحارث الأعور" ، وهكذا روي عن "أيوب السختياني" ، و"عبد الله بن عون"، و"سليمان التيمي" ، و"شعبة بن الحجاج"، و"سفيان الثوري" ، و"مالك ابن أنس" ، و"الأوزاعي" ، و"عبد الله بن المبارك" ، و"يحيى بن سعيد القطان" ، و"وكيع بن الجراح" ، و"عبد الرحمن ابن مهدي" ، [ وغيرهم من أهل العلم ؛ أنهم تكلموا في الرجال ] و[ ضعفوا ] .
وإنما حملهم على ذلك عندنا - والله أعلم - النصيحة .
لا يُظن بهؤلاء أنهم أرادوا الطعن على الناس ، أو الغيبة ؛ إنما أرادوا عندنا أن [ يبينوا ضعف هؤلاء لكي يُعرَفوا ] ؛ [ لأن بعضهم من الذين ضُعِّفوا كان صاحب بدعة ] ، [وبعضهم كان متهماً في الحديث ] ، وبعضهم كانوا أصحاب غفلة وكثرة خطأ ؛ فأراد هؤلاء الأئمة أن يبينوا أحوالهم شفقةً على الدين وتثبتاً ؛ لأن الشهادة في الدين أحق أن يُتَثبت فيها من الشهادة في الحقوق والأموال .
[ المحجة البيضاء ، ص 47 ]
قلت : فهل يكون مطلب الشيخ ربيع - وفقه الله - بإعمال قواعد هذا الفن أم أن ذلك من باب الفتوى والرجوع فيه يكون للعلماء ؟ .
وقال الشيخ ربيع - وفقه الله - :
ومن منطلق الحفاظ على الدين ، وعلى سنة خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم - ، وتمييز صحيحها من سقيمها ، ومعوجها من مستقيمها ، أَلَّفَ علماء السنة [ كتباً في بيان أحوال الـرواة ] ، من : عدالة ، وضبط ، أو جرح من كذب ، أو غلط ، أو [ بــدعة ] (5)، أو سوء حفظ .
من تلكم المؤلفات : المؤلفات الجامعة للثقات ، وغيرهم ، كـ"التأريخ الكبير" للبخاري ، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم ، وكتاب : "الكمال" لعبد الغني المقدسي و"تهذيبه" ، و"التذهيب" للدهبي ، و"تهذيب التهذيب" لابن حجر .
ومنها ما يختص بالثقات ، ككتاب : "الثقات" للعجلي ، و"الثقات" لابن حبان ، و"الثقات" لابن شاهين .
ومنها ما يختص بالضعفاء والمجروحين ، مثل : كتاب "الضعفاء الكبير" للإمام البخاري ، و"الضعفاء الصغير" له ، و"الضعفاء والمتروكين" للنسائي ، و"أحوال الرجال" للجوزجاني ، و"الضعفاء والكذابين والمتروكين" لأبي زرعة الرازي ، وكتاب : "المجروحين" لابن حبان ، و"الضعفاء" للعقيلي ، و"الضعفاء" للفلاس ، و"الكامل" لابن عدي ، و"الضعفاء" للأزدي ، و"الضعفاء والمتروكين" للدارقطني ، و"الضعفاء" للحاكم ، و"الضعفاء" لأبي نعيم ، و"الضعفاء" لابن البرقي ، و"الضعفاء" لابن السكن ، و"الضعفاء" لابن الجوزي ، و"ميزان الاعتدال" للذهبي ، و"المغني" لـه ، و"الديوان في الضعفاء" له ، و"الذيل على الضعفاء" ، و"ذيل الميزان" لأبي الفضل العراقي ، و"لسان الميزان" لابن حجر العسقلاني .
[ هذه الكتب وغيرها خصصت بالمجروحين ، والمتكلم فيهم ] ...
[ المحجة البيضاء ، ص 65 - 66 ]
قلت : هذه الكتب التي ذكرها الشيخ ربيع إنما هي للإستعانة على معرفة أحوال الرواة (6)، فقد قال في بداية الفقرة : ( أَلَّفَ علماء السنة كتباً في بيان أحوال الـرواة ) ، وذلك ليتمكن أهل الحديث من الحكم على الأحاديث والروايات من حيث القبول والرد ، فهذه الكتب ليست مخصصة لأهل البـدع إنما هـي لمعرفة الرواة ، ومنهم ومن يكون مبتدعا ضَالاً ، فإما أن تقبل روايته أو تُرد وذلك بالشروط المعروفة في هذا الفن .
وقال ابن أبي حاتم مبينا سبب قيام علم الجرح والتعديل كما عرفه أهله :
فلما لم نجد سبيلاً إلى معرفة شيء من معاني كتاب الله ، ولا من سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا من [ جهة النقل والرواية ] ؛ [ وجب أن نـميز بين عدول الناقلة والرواة وثقاتهم ] ، وأهل الحفظ والثبت والإتقان منهم ، وبين أهل الغفلة ، والوهم ، وسوء الحفظ ، والكذب ، واختراع الأحاديث الكاذبة .
قال الشيخ ربيع – وفقه الله - معلقاً :
وكذلك يجب في هذه الأزمان ، وفي هذا العصر بالذات ؛ التمييز بين أهل السنة المحضة ، الذابين عنها ، وبين أهل البدع ، والذين هم أشد خطراً على منهج السلف من المتلبسين ، والغشاشين ، الذين ألبسوا على أهل السنة دينهم ، وطعنوا في الناصحين المخلصين ، ومدحوا ودافعوا عن أئمة الضلال والزيغ ، وعن مناهجهم الضالة ، وأفكارهم المدمرة .
[ المحجة البيضاء ، ص 48 - 49 ]
وقال الشيخ ربيع -وفقه الله- :
الجرح العِلمُ يُشترط في الأمور الدقيقة ، في الأمور الخفيّة _ بارك الله فيك _ ، وفي فلان كذاب ، فلان متهم ، فلان سيئ الحفظ ، فلان كذا ، فلان مدلس _ بارك الله فيك _ وهو يعرف التدليس ، ويعرف اختلاف العلماء فيه ، ويعرف الجرح واختلاف العلماء فيه ، وما يَجرح وما لا يَجرح فإذا توّفرت هذه في الأشياء في شخص _ بارك الله فيك _ له أن يَجرح ، أو يُشترط في هذا اللون شيء من الدقة في الجرح ، أمّا مثل الأمور الظاهرة مثل واحد تارك صلاة وقالوا فلان تارك صلاة -والله فلان تارك صلاة- ، فلان يشرب خمر -والله فلان يشرب خمر- ، فلان ثوري يعني يحمل فكر الخوارج وهو واضح للناس _ بارك الله فيك _ ، فهذا من الأمور التي يُقبل فيها كلام العدل الثقة وخصوصا إذا كلامه مسّجل في أشرطة أو مُثبت في كتب ، فهذا ما يُشترط فيه مثل هذه الشروط ، يكفي أن يحليه أنه يقول قال كذا وهو في الكتاب الفلاني أو في الشريط الفلاني حتى ولم يكن عالما ، يُحال ويسمع هل هو صادق متثبت فيما قال أو هو مخطأ .(7)
الحواشي :
(1) فهو يـبين - رحمه الله - أن الجرح جرحان ، الأول فيما يخص الرواية والرواة ، والثاني في العقائد والمناهج .
(2) .
(3) ( 1 / 14 ـ 15 ) .
(4) فهي فتوى وخبـر في آن واحد .
(5) البدعة سبب مـن أسباب القدح في الراوي .
(6) أنظر قول ابن أبي حاتم بعد هذه الفقرة .
(7) شريط " الثناء العطر على كتاب مدارك النظر " .
شبكة الأثري السلفية www.alathary.net
**********