البلوشي
12-19-2013, 06:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
باب في أحكام البيوع
وضح الله في كتابه الكريم وبين النبي صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة أحكام المعاملات ؛ لحاجة الناس إلى ذلك ، لحاجتهم إلى الغذاء الذي تقوى به أبدانهم ، وإلى الملابس والمساكن والمراكب وغيرها من ضروريات الحياة ومكملاتها .
والبيع جائز بالكتاب والسنة والإجماع والقياس : قال تعالى : وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ
وقال تعالى : لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ
- وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما ، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما .
- وقد أجمع العلماء على ذلك في الجملة .
- وأما القياس فمن ناحية : أن حاجة الناس داعية إلى وجود البيع ؛ لأن حاجة الإنسان تتعلق بما في يد صاحبه من ثمن أو مثمن ، وهو لا يبذله إلا بعوض ، فاقتضت الحكمة جواز البيع للوصول إلى الغرض المطلوب .
وينعقد البيع بالصيغة القولية أو الصيغة الفعلية .
- والصيغة القولية تتكون من : الإيجاب ، وهو اللفظ الصادر من البائع ، كأن يقول : بعت . والقبول ، وهو اللفظ الصادر من المشتري ، كأن يقول : اشتريت .
- والصيغة الفعلية هي المعاطاة التي تتكون من الأخذ والإعطاء ، كأن يدفع إليه السلعة ، فيدفع له ثمنها المعتاد .
- وقد تكون الصيغة مركبة من القولية والفعلية .
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : " بيع المعاطاة له صور :
إحداها : أن يصدر من البائع إيجاب لفظي فقط ، ومن المشتري أخذ ؛ كقوله : خذ هذا الثوب بدينار فيأخذه ، وكذلك لو كان الثمن معينا ؛ مثل أن يقول : خذ هذا الثوب بثوبك فيأخذه .
الثانية : أن يصدر من المشتري لفظ ، ومن البائع إعطاء ، سواء كان الثمن معينا أو مضمونا في الذمة .
الثالثة : أن لا يلفظ واحد منهما ، بل هناك عرف بوضع الثمن وأخذ المثمن " انتهى " .
ويشترط لصحة البيع شروط ، منها ما يشترط في العاقدين ومنها ما يشترط في المعقود عليه ، إذا فقد منها شرط لم يصح البيع :
- فيشترط في العاقدين :
أولا : التراضي منهما ، فلا يصح البيع إذا كان أحدهما مكرها بغير حق ؛ لقوله تعالى : إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إنما البيع عن تراض رواه ابن حبان وابن ماجه وغيرهما ، فإن كان الإكراه بحق صح البيع ؛ كما لو أكرهه الحاكم على بيع ما له لوفاء دينه ، فإن هذا إكراه بحق .
ثانيا : يشترط في كل من العاقدين أن يكون جائز التصرف ؛ بأن يكون حرا مكلفا رشيدا ، فلا يصح البيع والشراء من صبي وسفيه ومجنون ومملوك بغير إذن سيده .
ثالثا : يشترط في كل من العاقدين أن يكون مالكا للمعقود عليه أو قائما مقام مالكه ، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لحكيم بن حزام : لا تبع ما ليس عندك رواه ابن ماجه والترمذي وصححه ؛ أي : لا تبع ما ليس في ملكك من الأعيان .
قال الوزير : " اتفقوا على أنه لا يجوز بيع ما ليس عنده ولا في ملكه ، ثم يمضي فيشتريه له ، وأنه باطل " .
- ويشترط في المعقود عليه في البيع :
أولا : أن يكون مما يباح الانتفاع به مطلقا ؛ فلا يصح بيع ما يحرم الانتفاع به ؛ كالخمر والخنزير وآلة اللهو والميتة ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - : إن الله حرم بيع الميتة والخمر والأصنام متفق عليه ، ولأبي داود : حرم الخمر وثمنها ، وحرم الميتة وثمنها ، وحرم الخنزير وثمنه ولا يصح بيع الأدهان النجسة ولا المتنجسة ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - : إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه وفي المتفق عليه : أرأيت شحوم الميتة فإنها تطلى بها السفن ، وتدهن بها الجلود ، ويستصبح بها الناس ؟ فقال : " لا ، هو حرام " .
ثانيا : ويشترط في المعقود عليه في البيع من ثمن ومثمن أن يكون مقدورا على تسليمه ؛ لأن ما لا يقدر على تسليمه شبيه بالمعدوم ، فلم يصح بيعه ؛ فلا يصح بيع عبد آبق ولا بيع جمل شارد ، ولا طير في الهواء ، ولا بيع مغصوب من غير غاصبه أو قادر على أخذه من الغاصب .
ثالثا : يشترط في الثمن والمثمن أن يكون كل منهما معلوما عند المتعاقدين ، لأن الجهالة غرر ، والغرر منهي عنه ؛ فلا يصح شراء ما لم يره ، أو رآه وجهله ، ولا بيع حمل في بطن ولبن في ضرع منفردين ، ولا يصح بيع الملامسة كأن يقول : أي ثوب لمسته فهو عليك بكذا ، ولا بيع المنابذة ؛ كأن يقول : أي ثوب نبذته إلي - أي : طرحته - فهو بكذا ، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الملامسة والمنابذة متفق عليه ، ولا يصح بيع الحصاة ؛ كقوله : ارم هذه الحصاة فعلى أي ثوب وقعت فهو لك بكذا .
للعلامة صالح الفوزان حفظه الله
باب في أحكام البيوع
وضح الله في كتابه الكريم وبين النبي صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة أحكام المعاملات ؛ لحاجة الناس إلى ذلك ، لحاجتهم إلى الغذاء الذي تقوى به أبدانهم ، وإلى الملابس والمساكن والمراكب وغيرها من ضروريات الحياة ومكملاتها .
والبيع جائز بالكتاب والسنة والإجماع والقياس : قال تعالى : وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ
وقال تعالى : لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ
- وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما ، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما .
- وقد أجمع العلماء على ذلك في الجملة .
- وأما القياس فمن ناحية : أن حاجة الناس داعية إلى وجود البيع ؛ لأن حاجة الإنسان تتعلق بما في يد صاحبه من ثمن أو مثمن ، وهو لا يبذله إلا بعوض ، فاقتضت الحكمة جواز البيع للوصول إلى الغرض المطلوب .
وينعقد البيع بالصيغة القولية أو الصيغة الفعلية .
- والصيغة القولية تتكون من : الإيجاب ، وهو اللفظ الصادر من البائع ، كأن يقول : بعت . والقبول ، وهو اللفظ الصادر من المشتري ، كأن يقول : اشتريت .
- والصيغة الفعلية هي المعاطاة التي تتكون من الأخذ والإعطاء ، كأن يدفع إليه السلعة ، فيدفع له ثمنها المعتاد .
- وقد تكون الصيغة مركبة من القولية والفعلية .
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : " بيع المعاطاة له صور :
إحداها : أن يصدر من البائع إيجاب لفظي فقط ، ومن المشتري أخذ ؛ كقوله : خذ هذا الثوب بدينار فيأخذه ، وكذلك لو كان الثمن معينا ؛ مثل أن يقول : خذ هذا الثوب بثوبك فيأخذه .
الثانية : أن يصدر من المشتري لفظ ، ومن البائع إعطاء ، سواء كان الثمن معينا أو مضمونا في الذمة .
الثالثة : أن لا يلفظ واحد منهما ، بل هناك عرف بوضع الثمن وأخذ المثمن " انتهى " .
ويشترط لصحة البيع شروط ، منها ما يشترط في العاقدين ومنها ما يشترط في المعقود عليه ، إذا فقد منها شرط لم يصح البيع :
- فيشترط في العاقدين :
أولا : التراضي منهما ، فلا يصح البيع إذا كان أحدهما مكرها بغير حق ؛ لقوله تعالى : إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إنما البيع عن تراض رواه ابن حبان وابن ماجه وغيرهما ، فإن كان الإكراه بحق صح البيع ؛ كما لو أكرهه الحاكم على بيع ما له لوفاء دينه ، فإن هذا إكراه بحق .
ثانيا : يشترط في كل من العاقدين أن يكون جائز التصرف ؛ بأن يكون حرا مكلفا رشيدا ، فلا يصح البيع والشراء من صبي وسفيه ومجنون ومملوك بغير إذن سيده .
ثالثا : يشترط في كل من العاقدين أن يكون مالكا للمعقود عليه أو قائما مقام مالكه ، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لحكيم بن حزام : لا تبع ما ليس عندك رواه ابن ماجه والترمذي وصححه ؛ أي : لا تبع ما ليس في ملكك من الأعيان .
قال الوزير : " اتفقوا على أنه لا يجوز بيع ما ليس عنده ولا في ملكه ، ثم يمضي فيشتريه له ، وأنه باطل " .
- ويشترط في المعقود عليه في البيع :
أولا : أن يكون مما يباح الانتفاع به مطلقا ؛ فلا يصح بيع ما يحرم الانتفاع به ؛ كالخمر والخنزير وآلة اللهو والميتة ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - : إن الله حرم بيع الميتة والخمر والأصنام متفق عليه ، ولأبي داود : حرم الخمر وثمنها ، وحرم الميتة وثمنها ، وحرم الخنزير وثمنه ولا يصح بيع الأدهان النجسة ولا المتنجسة ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - : إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه وفي المتفق عليه : أرأيت شحوم الميتة فإنها تطلى بها السفن ، وتدهن بها الجلود ، ويستصبح بها الناس ؟ فقال : " لا ، هو حرام " .
ثانيا : ويشترط في المعقود عليه في البيع من ثمن ومثمن أن يكون مقدورا على تسليمه ؛ لأن ما لا يقدر على تسليمه شبيه بالمعدوم ، فلم يصح بيعه ؛ فلا يصح بيع عبد آبق ولا بيع جمل شارد ، ولا طير في الهواء ، ولا بيع مغصوب من غير غاصبه أو قادر على أخذه من الغاصب .
ثالثا : يشترط في الثمن والمثمن أن يكون كل منهما معلوما عند المتعاقدين ، لأن الجهالة غرر ، والغرر منهي عنه ؛ فلا يصح شراء ما لم يره ، أو رآه وجهله ، ولا بيع حمل في بطن ولبن في ضرع منفردين ، ولا يصح بيع الملامسة كأن يقول : أي ثوب لمسته فهو عليك بكذا ، ولا بيع المنابذة ؛ كأن يقول : أي ثوب نبذته إلي - أي : طرحته - فهو بكذا ، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الملامسة والمنابذة متفق عليه ، ولا يصح بيع الحصاة ؛ كقوله : ارم هذه الحصاة فعلى أي ثوب وقعت فهو لك بكذا .
للعلامة صالح الفوزان حفظه الله