أبوعكاشة الأثري
11-21-2012, 02:35 PM
"الشهب المرمية على مقالات ربيع المدخلي الإرجائية -1 "
لفضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجربوع
السائل : فضيلة الشيخ انتشر في الآونة الأخيرة عدة مقالات للدكتور ربيع المدخلي المقال الأول بعنوان متعالم مغرور يرمي جمهور أهل السنة وأئمتهم بالإرجاء . قال فيه الشيخ ربيع : وهل قول الإمام أحمد بعدم تكفير تارك الصلاة وقوله بعدم تكفي لتارك العمل ،، قال حينما قال هذ اوذاك كان مرجئاً ؟!. وقال أيضاً : هل قول الامام البربهاري وقول ابن بطة وقول ابن بنا كما سيأتي بعدم تكفير لتارك العمل وبدخولهم الجنة بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ، هل أخرجتهم هذه الأقوال من السنة إلى بدعة الإرجاء ؟! فما رأي فضيلتكم وهل هؤلاء الأئمة يقولون بعدم تكفير تارك العمل ؟
الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .. أما بعد .
فإن القول بأن أئمة أهل السنة يقولون بعدم كفر تارك العمل ليس بصحيح ، فأئمة أهل السنة والجماعة في كل زمان هم على قولٍ واحد وعلى قلبٍ رجل واحد بأن تارك العمل بالكلية أنه كافر لا يكون مسلماً، وهذا هو قول سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله والشيخ الفوزان واللجنة الدائمة والشيخ الراجحي وكل من علمنا من أئمة أهل السنة، وإن كان بعض أهل السنة قالوا بأنه لا يكفر فهذا ليس بصحيح القول بأنه لا يكفر، ولا يصدق على من قال بأن تارك العمل بالكلية لا يكفر لا يصدق عليه أنه يتهم جمهور أهل السنة بالإرجاء، أما القول بأن تارك العمل بالكلية إذا كان مقراً به إذا كان مقراً بالعمل لكنه تركه فهذا هو المأثور عن السلف الصالح، وقول الإمام اسحاق وهو صاحب الإمام أحمد ومن هو في منزلةً ومكانةً وعلم بين علماء السلف الصالح ذكر أنه هذا هو قول المرجئة الذي لا شك فيه، هذا هو قول المرجئة ، وقد نقل الأئمة هذا القول في كتب السنة وفي كتب الحديث نقلوه مؤيدين له وشارحين له ولم يقل أحد منهم أن الامام اسحاق بن راهويه بهذا القول يعني وصم أئمة السلف أو وصم أهل السنة بأنهم مرجئة ، انطلاقاً بهذا القول وهو قولٌ مشهور في كتب العقائد ولم يقل من عهده إلى اليوم والعلماء يستدلون به ولم يقل أحد أن الامام اسحاق بهذا القول وصم جمهور أهل السنة بأنهم مرجئة ، يعني هذا القول ليس بصحيح ، ونقول أن تارك العمل بالكلية كافرٌ من عدة أوجه :
1 – قد نص شيخ الاسلام بأكثر من موضع على أن مثل هذا لا يكون مسلما وذلك لأنه أولاً لم يأت بما عاهد الله عليه فذكر الإمام أبوثور – رحمه الله – فيما نقله عنه الإمام ابن تيمية – رحمه الله – " بأنه لا بد من الإلتزام بالعمل بالإجماع ، لابد من الإلتزام بالعمل لصحة الإيمان " يعني أنه إذا قال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فهو يقول شهدت وإعتقدت إعتقاداً جازماً أن الله وحده الإله الحق وإنه لا يستحق العبادة إلا هو ولا يكفي هذا حتى يتعهد بالعمل أو يلتزم بالعمل أو ينقاد قلبياً إلى العمل ، فإذا إنقاد قلبياً إلى العمل وتعهد بالعمل وسلم به بأن يعبد الله ولا يشرك به شيئاً فإذا جاءه العمل الظاهر ولم يعمل شيئاً من ذلك فإنه كما قال الأئمة لا يكون صادقاً بالإيمان هو كاذبٌ هذه واحدة أنه كاذبٌ بالإيمان .
2 - أن العمل الظاهر بعبادة الله والكفر بالطاغوت هو الحقيقة والأصل الذي دعا إليه جميع الأنبياء كما في قول الله عزوجل ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ) وهم أرادوا من الناس عمل وهو أن يعبدوا الله وأرادوا منهم عمل باجتناب الطاغوت، فما لم يأتي الانسان بالعمل الذي يكون به عابداً لله وحده لا يكون قد جاء بأصل الاسلام الذي دعا إليه جميع المرسلون، وأيضاً فيما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنه شرطٌ أن الايمان الذي دعا إليه المرسلون شرطٌ كما قال ( فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ) وقال أيضاً في صحيح مسلم " من وحد الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم دمه وماله وحسابه على الله " فلابد من التوحيد العملي الذي دعا إليه جميع المرسلون .
3 – أن الذي لا يأتي بالعمل بالكلية فإنه يكون لم يأتي بما خلقه الله من أجله كما قال سبحانه وتعالى ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) ويعبدون أي يوحدوه أو يأمرهم وينهاهم كتفسير السلف حول هذا ومعنى يوحدوه كما نطق به القرآن العزيز ( يَعْبُدُوهُ وَلا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ) هذا هو حقيقة الأمر والنهي كما قال سبحانه وتعالى ( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ) هذا هو حقيقة ما خُلِقَ الناس لأجله وما أمروا به على ألسنة الرسل .
4 – أن الذي لا يعبد الله بشئٍ من الأعمال الظاهرة فإنه لا يكون قد جاء بحق الله عليه كما في حديث معاذ " حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً " فهذا لم يحقق لم يأتي بشئٍ من حق الله عليه ، وإذا حصروا حق الله عز وجل بمجرد القول أو بمجرد القول والاعتقاد فهذا ليس بصحيحٍ أبدا، وليس هو الذي عليه أئمة السلف ، ونطلب من هؤلاء الأئمة والمشايخ بأن يقرأوا كلام الامام أبي ثور والامام سفيان بن عيينة والامام اسحاق والأئمة الذين بينوا وردوا على المرجئة وكلام الشيخ ابن تيمية .
أما القول بأن الإمام أحمد لا يكفر تارك العمل بالكلية أو لا يكفر تارك الصلاة فهذا ليس بمشهورٌ عنه ، بل هو المشهور عنه القول بكفر تارك الصلاة وأقواله في الرد على المرجئة واضحة، وأما الاستدلال بما ورد يوم القيامة أنهم سيخرجون من النار أو ما شابه ذلك فهذا لا يجوز الإستدلال فيما ورد في أحكام الآخرة على أحكام الدنيا فهذا خلطٌ في الاستدلال ، فأحكام الدنيا كما قال الله عزوجل ( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ) فبين أن من شروط الأخوة في الدين أن يتوب من الشرك وأن يظهر الاسلام ويأتي بالأعمال الظاهرة بالإسلام وهي الصلاة والزكاة ، فإذا لم يظهر الإسلام لم يكونوا إخواناً لنا وفي أحكام الدنيا قال - صلى الله عليه وسلم – " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " فهذا الحديث وما جاء في معناه صريحةٌ في أمرين :
أ – صريحةٌ في حكم تارك الصلاة .
ب – صريحة بأنها من أحكام الدنيا .
لأنه قال " العهد الذي بيننا وبينهم " وهذا إنما يكون في الدنيا ، وأما الاستدلال فيما ورد في النصوص من يوم القيامة مثل" يخرج من النار من قال لا إله إلا الله " فيما معناه فإن هذا أولاً : ليس صريحاً في شأن الصلاة وليس للصلاة فيه ذكر . ثانياً : أنه الاستدلال به على عدم تارك الصلاة استنباطاً .
والأول صريح والثاني أن هذا في أحكام الآخرة، أما في احكام الدنيا، تجرى النصوص الواردة في أحكام الآخرة على أحكام الآخرة ، والنصوص التي وردت في أحكام الدنيا على أحكام الدنيا ، فقد قال شيخ الإسلام في درء التعارض : " ومنشأ الاشتباه في أحكام الكفر والاسلام عدم التفريق بين أحكام الدنيا وأحاكم الآخرة " وضرب أمثلة على اختلاف الحكم في الدارين ثم ختم قوله بأن أحكام الدنيا غير أحكام الآخرة .
فعلى كل حال فنحن ننصح الأخوان والعلماء أن ينظروا ويدققوا في أقوال السلف وسيجدون أنهم شنعوا وغلظوا التشنيع وأنكروا الإنكار الظاهر على من قال بأن تارك العمل يكون مسلماً ، وحتى الذين قالوا أن تارك العمل لا يكفر كالإمام الشافعي والإمام أبي حنيفة ذكروا أن من ترك العمل بالكلية لا يكون مسلماً وأنه لا يصح إيمانه كما في قول الشافعي المشهور أن الإيمان قول ونية وعمل لا يجزي أحدهما دون الآخر بإجماع المسلمين ذكر الإجماع على ذلك ، والإمام أبو حنيفة – رحمه الله – كما في قوله في الفقه الأكبر وفي الوصية وصية الإمام أنه قال : " والإيمان غير العمل ، والعمل غير الإيمان ، والإيمان غير الإسلام ، والإسلام غير العمل " وهو يرى أن الإيمان هو ما يكون في القلب والعمل هو الاسلام ويستدل بحديث جبريل قال : أن الدين مكون من إيمان وإسلام ، والإسلام هو غير الإيمان هذا يعني ينطلق من حديث جبريل . قال : والإسلام غير الإيمان والإيمان غير الإسلام ولكن بينهما تلازم فلا إسلام بلا إيمان ، ولا إيمان بلا إسلام ، يقول : لا يوجد إيمانٌ صحيحٌ بلا إسلام ولا يوجد إسلامٌ صحيحٌ بلا إيمان . ثم ضرب مثالاً عظيماً يبين شدة التلازم بينهما وأنه لا يمكن أن يوجد أحدهما دون الآخر فقال: فهما كالظهر مع البطن. واسم الدين واقع عليهما ، يعني أن بدن الإنسان مقسومٌ بين الظهر والبطن ولا يمكن أن يقوم بدنٌ ببطنٍ بلا ظهر ، ولا بظهرٍ بلا بطن، كذلك الدين مكون من إسلام وإيمان، ولا يوجد دين صحيح بإيمانٍ بلا إسلام . يعني بلا عمل، ولا بإسلام أي عمل بلا إيمان ، فهو يرى أن بينهما تلازماً ويرى أن من ترك العمل بالكلية فقد ترك الإسلام وإذا ترك الإسلام انتقض دينه .
ويقول شيخ الاسلام " أنهم جعلوا العمل شرطاً لصحة الإيمان مفارقا، كالشرط المفارق .
الشرط المفارق : الذي لا يدخل في حقيقة الشيء ، وهم لا يقولون أن العمل داخل في حقيقة الإيمان لكن يرون أن وجود العمل أو شيء من العمل يصح به الإيمان يرون أنه شرطٌ لصحة الإيمان شرطٌا مفارقا .
هذه أقوال أئمة السلف حتى الذين لا يقولون بكفر تارك الصلاة ، وأنا أقول كلمة ينبغي لإخواننا السلفيين أن ينتبهوا لهذا :- السلف الصالح الذين هم الصحابة كما نقل الإجماع كما نقل ابن حزم نقل القول بكفر تارك الصلاة عن عشرة من الصحابة ذكروا ، ثم قال : ولم يعرف لهم مخالف من الصحابة ، وأئمة السلف كانت بحوثهم هل من ترك فرضاً واحداً متعمداً يخرج من الإسلام وأكثر السلف على هذا، أن من ترك فرضاً واحداً متعمداً برئت منه الذمة وخرج من الإسلام، هذه بحوث الأئمة السابقين الذين هم قبل الأئمة الأربعة يعني السلف الصحابةـ ثم بعد ذلك نجد الآن الذين ينتسبون إليه يقولون سلفيين نجدهم الآن بحوثهم في من ترك العمل بالكلية أن يكون مسلماً أو لا، بل تجاوزوا ذلك بمراحل فبحوثهم الآن من ترك التوحيد ووقع في الشرك يكون مسلماً أو لا ، فرقٌ شاسعٌ وبون عظيمٌ جدا .
نتمنى أن يرجع السلفيون إلى السلفيين إلى السلف وينظروا في أقوالهم ويمعنوا فيها ويتركوا المتشابه وينطلقوا إلى المحكم . نسأل الله أن يجمع شمل المسلمين على الحق وأن يعيذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن .
والحمد لله رب العالمين . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
السائل : قال أيضاً يحفظكم الله يا شيخ تعليقاً على قول الإمام الشافعي – رحمه الله – : قال الإمام الشافعي: " وكان الإجماع من الصحابة والتابعين من بعدهم ممن أدركناهم يقولون إن الإيمان قول وعمل ونية لا يجزئ واحدٌ من الثلاثة إلا بالآخر " قال الشيخ ربيع معلقاً على كلام الامام الشافعي قال : من نقل هذا الإجماع المنسوب إلى الشافعي غير الشافعي وإلا فهذه الدعوى من الأباطيل التي لا أصل لها ، وقال أيضاً : ولم يحكي أحدٌ منهم الإجماع الذي نسب إلى الإمام الشافعي.
الجواب :
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين . أما بعد ....
فإن قول الإمام الشافعي ليس من الأباطيل بل هو من الأقوال المحكمة ونقول أنه أولاً قول الإمام الشافعي يحكي الإجماع، ثم تناقل الأئمة لهذا القول في كتبهم وشهادتهم على أنه موجودٌ في كتابه الأم، وإن كان لا يوجد الآن في كتابٍ مطبوع، لكنه تلقى من الأمة الذي وصل إلى شيخ الإسلام ابن تيمية وإلى بعض علماء السلف ولم يعترض عليه إمامٌ يعتد به أبداً من أئمة أهل السنة فقبول المسلمين له من عهده رحمه الله إلى اليوم ولم يأت من يشكك فيه هذا يدل على أنه إجماعٌ آخر ، إجماعٌ على صحة الإجماع، فهذا قولٌ محكم وقولٌ متفق مع النصوص ومع الأدلة التي ذكرت ،وقبل قليل ذكرت أن ابن حزم نقل الإجماع على كفر من ترك الصلاة وهذا أيضاً يضاف إلى الإجماع الذي قد نقله الإمام الشافعي وإجماع الصحابة .... المخالف ، وأيضاً قول ابن حزم هذا تناقله العلماء جيلٌ بعد جيل يستدلون به ويعتنون به ولم يطعن فيه أحد ولله الحمد ، وأيضاً كلام عبدالله بن شقيق " أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة" هذا كله يعضد قول الإمام الشافعي فالحمدلله قولٌ نورٌ على نور ولا ينبغي للسلفيين أن يكون هم الذين يهدموا البنيان بأيديهم ، هذا من أئمة السلف وهذا من أقوال السلف المشهورة الذين يستدلون به ضد المرجئة ، فإضعافه تقوية للمرجئة ، فنسأل الله السلامة والعافية .
السائل : يقول أيضاً بعد ما نقل كلام ابن رجب في حديث الشفاعة قال معلقاً عليه : ونسأل من يرمي من لا يكفر تارك جنس العمل أو تارك العمل بالإرجاء ويدعون الإجماع على كفر تارك جنس العمل فهل ابن رجب ومن هو أعلم منه ممن سلف ذكرهم يجعلون هذا الاجماع؟ ثم قال : أو هم يعلمون ويذهبون إلى مخالفته ، ثم هل تجتمع الأمة على مخالفة النصوص الصريحة من الكتاب والسنة ومنها ما ذكرته في هذا البحث .
فما هي نصيحتكم يا شيخ ؟
الجواب :
أولاً أقول ابن رجب – رحمه الله – ذكر قول الإمام اسحاق ومستدلاً به وهو أنه قال غلت المرجئة فكان من قولهم أن من ترك الفرائض وهو مقرٌ بها فإنا لا نكفره ونرجع أمره إلى الله . قال : وهؤلاء هم الذين لا شك فيهم . وقال ابن رجب شارحاً معنى قوله " لا شك فيهم " قال : يعني المرجئة يعني غلاة المرجئة . فإبن رجب أولاً الحمدلله مع السلف في قوله أن تارك العمل بالكلية مع إقراره به أنه من غلاة المرجئة بإستدلاله بكلام الإمام اسحاق رحمه الله، ثم نرجع ونقول بأن الاستدلال بما ورد في أحكام الآخرة على أحكام الدنيا هذا حكم ليس بصحيح ، فنقول أن من ترك العمل بالكلية أو ترك الصلاة مطلقاً لا يصلي أبداً حكمنا بكفره ونقول بعد ذلك أمره إلى الله عزوجل إن كان في قلبه شيءٌ من الإيمان فإنه قد ينفعه يوم القيامة يخرج من النار ، نقول بكل الأحاديث نجري أحكام الدنيا على أمور الدنيا ، والدنيا مبناها على الزجر والردع ، ونجري نصوص الآخرة على أحكام الآخرة والله يفعل ما يشاء ، والآخرة مبنيةٌ على الرحمة ومطلق العدل ، فالحمدلله لا نعارض هذا بهذا فنقول أنه لم يقل أحدٌ لا ابن رجب ولا غيره أن من ترك العمل بالكلية أنه مسلم في الدنيا ، بل كما قلنا وقد صح حديث كقول الإمام اسحاق صححه واستدل به وأقر ما فيه، فتحميل الإمام لما هو مخالفٌ لأقواله الصريحة فإن هذا... ابن حجر له تفريقٌ بين أحكام الدنيا وأحكام الآخرة عندما ذكر حديث " أمرت أن أقاتل الناس " قال أن هذا في أحكام الدنيا أن من أظهر الإسلام وقال لا إله إلا الله وأظهر الإسلام ولم يظهر منه ما يضاده بعقده فإننا نعامله في الدنيا بالإسلام ، أما في الآخرة فقال " حسابه على الله " يعني بأنه إن لقي الله مسلماً حاسبه وإلا فحسابه على الله ، ففرق بين أحكام الدنيا وأحكام الاخرة .
فعلى كل حال الخلط هذا يعني من أسباب الخلط وإستحكام الشبه في هذه المسألة هو الخلط بين أحكام الدنيا وأحكام الآخرة، والإستدلال بالنصوص التي وردت في أحكام الاخرة على أحكام الدنيا وضرب بعضها ببعض، ولو أجروا النصوص التي وردت في أحكام الدنيا على أحكام الدنيا والنصوص التي وردت في أحكام الآخرة على أحكام الآخرة وقالو بهذا وهذا لسلموا من التناقض وخرجوا من الإشكال .
نسأل الله عزوجل أن يهدينا وإخواننا إلى الحق وأن يعيذنا من الفتن وأن يهدي ضال المسلمين ، والحمدلله رب العالمين .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ...
ٌ
استماع اللقاء
http://www.youtube.com/watch?v=Shw5pn-94QQ&feature=plcp
لفضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجربوع
السائل : فضيلة الشيخ انتشر في الآونة الأخيرة عدة مقالات للدكتور ربيع المدخلي المقال الأول بعنوان متعالم مغرور يرمي جمهور أهل السنة وأئمتهم بالإرجاء . قال فيه الشيخ ربيع : وهل قول الإمام أحمد بعدم تكفير تارك الصلاة وقوله بعدم تكفي لتارك العمل ،، قال حينما قال هذ اوذاك كان مرجئاً ؟!. وقال أيضاً : هل قول الامام البربهاري وقول ابن بطة وقول ابن بنا كما سيأتي بعدم تكفير لتارك العمل وبدخولهم الجنة بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ، هل أخرجتهم هذه الأقوال من السنة إلى بدعة الإرجاء ؟! فما رأي فضيلتكم وهل هؤلاء الأئمة يقولون بعدم تكفير تارك العمل ؟
الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .. أما بعد .
فإن القول بأن أئمة أهل السنة يقولون بعدم كفر تارك العمل ليس بصحيح ، فأئمة أهل السنة والجماعة في كل زمان هم على قولٍ واحد وعلى قلبٍ رجل واحد بأن تارك العمل بالكلية أنه كافر لا يكون مسلماً، وهذا هو قول سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله والشيخ الفوزان واللجنة الدائمة والشيخ الراجحي وكل من علمنا من أئمة أهل السنة، وإن كان بعض أهل السنة قالوا بأنه لا يكفر فهذا ليس بصحيح القول بأنه لا يكفر، ولا يصدق على من قال بأن تارك العمل بالكلية لا يكفر لا يصدق عليه أنه يتهم جمهور أهل السنة بالإرجاء، أما القول بأن تارك العمل بالكلية إذا كان مقراً به إذا كان مقراً بالعمل لكنه تركه فهذا هو المأثور عن السلف الصالح، وقول الإمام اسحاق وهو صاحب الإمام أحمد ومن هو في منزلةً ومكانةً وعلم بين علماء السلف الصالح ذكر أنه هذا هو قول المرجئة الذي لا شك فيه، هذا هو قول المرجئة ، وقد نقل الأئمة هذا القول في كتب السنة وفي كتب الحديث نقلوه مؤيدين له وشارحين له ولم يقل أحد منهم أن الامام اسحاق بن راهويه بهذا القول يعني وصم أئمة السلف أو وصم أهل السنة بأنهم مرجئة ، انطلاقاً بهذا القول وهو قولٌ مشهور في كتب العقائد ولم يقل من عهده إلى اليوم والعلماء يستدلون به ولم يقل أحد أن الامام اسحاق بهذا القول وصم جمهور أهل السنة بأنهم مرجئة ، يعني هذا القول ليس بصحيح ، ونقول أن تارك العمل بالكلية كافرٌ من عدة أوجه :
1 – قد نص شيخ الاسلام بأكثر من موضع على أن مثل هذا لا يكون مسلما وذلك لأنه أولاً لم يأت بما عاهد الله عليه فذكر الإمام أبوثور – رحمه الله – فيما نقله عنه الإمام ابن تيمية – رحمه الله – " بأنه لا بد من الإلتزام بالعمل بالإجماع ، لابد من الإلتزام بالعمل لصحة الإيمان " يعني أنه إذا قال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فهو يقول شهدت وإعتقدت إعتقاداً جازماً أن الله وحده الإله الحق وإنه لا يستحق العبادة إلا هو ولا يكفي هذا حتى يتعهد بالعمل أو يلتزم بالعمل أو ينقاد قلبياً إلى العمل ، فإذا إنقاد قلبياً إلى العمل وتعهد بالعمل وسلم به بأن يعبد الله ولا يشرك به شيئاً فإذا جاءه العمل الظاهر ولم يعمل شيئاً من ذلك فإنه كما قال الأئمة لا يكون صادقاً بالإيمان هو كاذبٌ هذه واحدة أنه كاذبٌ بالإيمان .
2 - أن العمل الظاهر بعبادة الله والكفر بالطاغوت هو الحقيقة والأصل الذي دعا إليه جميع الأنبياء كما في قول الله عزوجل ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ) وهم أرادوا من الناس عمل وهو أن يعبدوا الله وأرادوا منهم عمل باجتناب الطاغوت، فما لم يأتي الانسان بالعمل الذي يكون به عابداً لله وحده لا يكون قد جاء بأصل الاسلام الذي دعا إليه جميع المرسلون، وأيضاً فيما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنه شرطٌ أن الايمان الذي دعا إليه المرسلون شرطٌ كما قال ( فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ) وقال أيضاً في صحيح مسلم " من وحد الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم دمه وماله وحسابه على الله " فلابد من التوحيد العملي الذي دعا إليه جميع المرسلون .
3 – أن الذي لا يأتي بالعمل بالكلية فإنه يكون لم يأتي بما خلقه الله من أجله كما قال سبحانه وتعالى ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) ويعبدون أي يوحدوه أو يأمرهم وينهاهم كتفسير السلف حول هذا ومعنى يوحدوه كما نطق به القرآن العزيز ( يَعْبُدُوهُ وَلا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ) هذا هو حقيقة الأمر والنهي كما قال سبحانه وتعالى ( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ) هذا هو حقيقة ما خُلِقَ الناس لأجله وما أمروا به على ألسنة الرسل .
4 – أن الذي لا يعبد الله بشئٍ من الأعمال الظاهرة فإنه لا يكون قد جاء بحق الله عليه كما في حديث معاذ " حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً " فهذا لم يحقق لم يأتي بشئٍ من حق الله عليه ، وإذا حصروا حق الله عز وجل بمجرد القول أو بمجرد القول والاعتقاد فهذا ليس بصحيحٍ أبدا، وليس هو الذي عليه أئمة السلف ، ونطلب من هؤلاء الأئمة والمشايخ بأن يقرأوا كلام الامام أبي ثور والامام سفيان بن عيينة والامام اسحاق والأئمة الذين بينوا وردوا على المرجئة وكلام الشيخ ابن تيمية .
أما القول بأن الإمام أحمد لا يكفر تارك العمل بالكلية أو لا يكفر تارك الصلاة فهذا ليس بمشهورٌ عنه ، بل هو المشهور عنه القول بكفر تارك الصلاة وأقواله في الرد على المرجئة واضحة، وأما الاستدلال بما ورد يوم القيامة أنهم سيخرجون من النار أو ما شابه ذلك فهذا لا يجوز الإستدلال فيما ورد في أحكام الآخرة على أحكام الدنيا فهذا خلطٌ في الاستدلال ، فأحكام الدنيا كما قال الله عزوجل ( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ) فبين أن من شروط الأخوة في الدين أن يتوب من الشرك وأن يظهر الاسلام ويأتي بالأعمال الظاهرة بالإسلام وهي الصلاة والزكاة ، فإذا لم يظهر الإسلام لم يكونوا إخواناً لنا وفي أحكام الدنيا قال - صلى الله عليه وسلم – " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " فهذا الحديث وما جاء في معناه صريحةٌ في أمرين :
أ – صريحةٌ في حكم تارك الصلاة .
ب – صريحة بأنها من أحكام الدنيا .
لأنه قال " العهد الذي بيننا وبينهم " وهذا إنما يكون في الدنيا ، وأما الاستدلال فيما ورد في النصوص من يوم القيامة مثل" يخرج من النار من قال لا إله إلا الله " فيما معناه فإن هذا أولاً : ليس صريحاً في شأن الصلاة وليس للصلاة فيه ذكر . ثانياً : أنه الاستدلال به على عدم تارك الصلاة استنباطاً .
والأول صريح والثاني أن هذا في أحكام الآخرة، أما في احكام الدنيا، تجرى النصوص الواردة في أحكام الآخرة على أحكام الآخرة ، والنصوص التي وردت في أحكام الدنيا على أحكام الدنيا ، فقد قال شيخ الإسلام في درء التعارض : " ومنشأ الاشتباه في أحكام الكفر والاسلام عدم التفريق بين أحكام الدنيا وأحاكم الآخرة " وضرب أمثلة على اختلاف الحكم في الدارين ثم ختم قوله بأن أحكام الدنيا غير أحكام الآخرة .
فعلى كل حال فنحن ننصح الأخوان والعلماء أن ينظروا ويدققوا في أقوال السلف وسيجدون أنهم شنعوا وغلظوا التشنيع وأنكروا الإنكار الظاهر على من قال بأن تارك العمل يكون مسلماً ، وحتى الذين قالوا أن تارك العمل لا يكفر كالإمام الشافعي والإمام أبي حنيفة ذكروا أن من ترك العمل بالكلية لا يكون مسلماً وأنه لا يصح إيمانه كما في قول الشافعي المشهور أن الإيمان قول ونية وعمل لا يجزي أحدهما دون الآخر بإجماع المسلمين ذكر الإجماع على ذلك ، والإمام أبو حنيفة – رحمه الله – كما في قوله في الفقه الأكبر وفي الوصية وصية الإمام أنه قال : " والإيمان غير العمل ، والعمل غير الإيمان ، والإيمان غير الإسلام ، والإسلام غير العمل " وهو يرى أن الإيمان هو ما يكون في القلب والعمل هو الاسلام ويستدل بحديث جبريل قال : أن الدين مكون من إيمان وإسلام ، والإسلام هو غير الإيمان هذا يعني ينطلق من حديث جبريل . قال : والإسلام غير الإيمان والإيمان غير الإسلام ولكن بينهما تلازم فلا إسلام بلا إيمان ، ولا إيمان بلا إسلام ، يقول : لا يوجد إيمانٌ صحيحٌ بلا إسلام ولا يوجد إسلامٌ صحيحٌ بلا إيمان . ثم ضرب مثالاً عظيماً يبين شدة التلازم بينهما وأنه لا يمكن أن يوجد أحدهما دون الآخر فقال: فهما كالظهر مع البطن. واسم الدين واقع عليهما ، يعني أن بدن الإنسان مقسومٌ بين الظهر والبطن ولا يمكن أن يقوم بدنٌ ببطنٍ بلا ظهر ، ولا بظهرٍ بلا بطن، كذلك الدين مكون من إسلام وإيمان، ولا يوجد دين صحيح بإيمانٍ بلا إسلام . يعني بلا عمل، ولا بإسلام أي عمل بلا إيمان ، فهو يرى أن بينهما تلازماً ويرى أن من ترك العمل بالكلية فقد ترك الإسلام وإذا ترك الإسلام انتقض دينه .
ويقول شيخ الاسلام " أنهم جعلوا العمل شرطاً لصحة الإيمان مفارقا، كالشرط المفارق .
الشرط المفارق : الذي لا يدخل في حقيقة الشيء ، وهم لا يقولون أن العمل داخل في حقيقة الإيمان لكن يرون أن وجود العمل أو شيء من العمل يصح به الإيمان يرون أنه شرطٌ لصحة الإيمان شرطٌا مفارقا .
هذه أقوال أئمة السلف حتى الذين لا يقولون بكفر تارك الصلاة ، وأنا أقول كلمة ينبغي لإخواننا السلفيين أن ينتبهوا لهذا :- السلف الصالح الذين هم الصحابة كما نقل الإجماع كما نقل ابن حزم نقل القول بكفر تارك الصلاة عن عشرة من الصحابة ذكروا ، ثم قال : ولم يعرف لهم مخالف من الصحابة ، وأئمة السلف كانت بحوثهم هل من ترك فرضاً واحداً متعمداً يخرج من الإسلام وأكثر السلف على هذا، أن من ترك فرضاً واحداً متعمداً برئت منه الذمة وخرج من الإسلام، هذه بحوث الأئمة السابقين الذين هم قبل الأئمة الأربعة يعني السلف الصحابةـ ثم بعد ذلك نجد الآن الذين ينتسبون إليه يقولون سلفيين نجدهم الآن بحوثهم في من ترك العمل بالكلية أن يكون مسلماً أو لا، بل تجاوزوا ذلك بمراحل فبحوثهم الآن من ترك التوحيد ووقع في الشرك يكون مسلماً أو لا ، فرقٌ شاسعٌ وبون عظيمٌ جدا .
نتمنى أن يرجع السلفيون إلى السلفيين إلى السلف وينظروا في أقوالهم ويمعنوا فيها ويتركوا المتشابه وينطلقوا إلى المحكم . نسأل الله أن يجمع شمل المسلمين على الحق وأن يعيذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن .
والحمد لله رب العالمين . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
السائل : قال أيضاً يحفظكم الله يا شيخ تعليقاً على قول الإمام الشافعي – رحمه الله – : قال الإمام الشافعي: " وكان الإجماع من الصحابة والتابعين من بعدهم ممن أدركناهم يقولون إن الإيمان قول وعمل ونية لا يجزئ واحدٌ من الثلاثة إلا بالآخر " قال الشيخ ربيع معلقاً على كلام الامام الشافعي قال : من نقل هذا الإجماع المنسوب إلى الشافعي غير الشافعي وإلا فهذه الدعوى من الأباطيل التي لا أصل لها ، وقال أيضاً : ولم يحكي أحدٌ منهم الإجماع الذي نسب إلى الإمام الشافعي.
الجواب :
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين . أما بعد ....
فإن قول الإمام الشافعي ليس من الأباطيل بل هو من الأقوال المحكمة ونقول أنه أولاً قول الإمام الشافعي يحكي الإجماع، ثم تناقل الأئمة لهذا القول في كتبهم وشهادتهم على أنه موجودٌ في كتابه الأم، وإن كان لا يوجد الآن في كتابٍ مطبوع، لكنه تلقى من الأمة الذي وصل إلى شيخ الإسلام ابن تيمية وإلى بعض علماء السلف ولم يعترض عليه إمامٌ يعتد به أبداً من أئمة أهل السنة فقبول المسلمين له من عهده رحمه الله إلى اليوم ولم يأت من يشكك فيه هذا يدل على أنه إجماعٌ آخر ، إجماعٌ على صحة الإجماع، فهذا قولٌ محكم وقولٌ متفق مع النصوص ومع الأدلة التي ذكرت ،وقبل قليل ذكرت أن ابن حزم نقل الإجماع على كفر من ترك الصلاة وهذا أيضاً يضاف إلى الإجماع الذي قد نقله الإمام الشافعي وإجماع الصحابة .... المخالف ، وأيضاً قول ابن حزم هذا تناقله العلماء جيلٌ بعد جيل يستدلون به ويعتنون به ولم يطعن فيه أحد ولله الحمد ، وأيضاً كلام عبدالله بن شقيق " أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة" هذا كله يعضد قول الإمام الشافعي فالحمدلله قولٌ نورٌ على نور ولا ينبغي للسلفيين أن يكون هم الذين يهدموا البنيان بأيديهم ، هذا من أئمة السلف وهذا من أقوال السلف المشهورة الذين يستدلون به ضد المرجئة ، فإضعافه تقوية للمرجئة ، فنسأل الله السلامة والعافية .
السائل : يقول أيضاً بعد ما نقل كلام ابن رجب في حديث الشفاعة قال معلقاً عليه : ونسأل من يرمي من لا يكفر تارك جنس العمل أو تارك العمل بالإرجاء ويدعون الإجماع على كفر تارك جنس العمل فهل ابن رجب ومن هو أعلم منه ممن سلف ذكرهم يجعلون هذا الاجماع؟ ثم قال : أو هم يعلمون ويذهبون إلى مخالفته ، ثم هل تجتمع الأمة على مخالفة النصوص الصريحة من الكتاب والسنة ومنها ما ذكرته في هذا البحث .
فما هي نصيحتكم يا شيخ ؟
الجواب :
أولاً أقول ابن رجب – رحمه الله – ذكر قول الإمام اسحاق ومستدلاً به وهو أنه قال غلت المرجئة فكان من قولهم أن من ترك الفرائض وهو مقرٌ بها فإنا لا نكفره ونرجع أمره إلى الله . قال : وهؤلاء هم الذين لا شك فيهم . وقال ابن رجب شارحاً معنى قوله " لا شك فيهم " قال : يعني المرجئة يعني غلاة المرجئة . فإبن رجب أولاً الحمدلله مع السلف في قوله أن تارك العمل بالكلية مع إقراره به أنه من غلاة المرجئة بإستدلاله بكلام الإمام اسحاق رحمه الله، ثم نرجع ونقول بأن الاستدلال بما ورد في أحكام الآخرة على أحكام الدنيا هذا حكم ليس بصحيح ، فنقول أن من ترك العمل بالكلية أو ترك الصلاة مطلقاً لا يصلي أبداً حكمنا بكفره ونقول بعد ذلك أمره إلى الله عزوجل إن كان في قلبه شيءٌ من الإيمان فإنه قد ينفعه يوم القيامة يخرج من النار ، نقول بكل الأحاديث نجري أحكام الدنيا على أمور الدنيا ، والدنيا مبناها على الزجر والردع ، ونجري نصوص الآخرة على أحكام الآخرة والله يفعل ما يشاء ، والآخرة مبنيةٌ على الرحمة ومطلق العدل ، فالحمدلله لا نعارض هذا بهذا فنقول أنه لم يقل أحدٌ لا ابن رجب ولا غيره أن من ترك العمل بالكلية أنه مسلم في الدنيا ، بل كما قلنا وقد صح حديث كقول الإمام اسحاق صححه واستدل به وأقر ما فيه، فتحميل الإمام لما هو مخالفٌ لأقواله الصريحة فإن هذا... ابن حجر له تفريقٌ بين أحكام الدنيا وأحكام الآخرة عندما ذكر حديث " أمرت أن أقاتل الناس " قال أن هذا في أحكام الدنيا أن من أظهر الإسلام وقال لا إله إلا الله وأظهر الإسلام ولم يظهر منه ما يضاده بعقده فإننا نعامله في الدنيا بالإسلام ، أما في الآخرة فقال " حسابه على الله " يعني بأنه إن لقي الله مسلماً حاسبه وإلا فحسابه على الله ، ففرق بين أحكام الدنيا وأحكام الاخرة .
فعلى كل حال الخلط هذا يعني من أسباب الخلط وإستحكام الشبه في هذه المسألة هو الخلط بين أحكام الدنيا وأحكام الآخرة، والإستدلال بالنصوص التي وردت في أحكام الاخرة على أحكام الدنيا وضرب بعضها ببعض، ولو أجروا النصوص التي وردت في أحكام الدنيا على أحكام الدنيا والنصوص التي وردت في أحكام الآخرة على أحكام الآخرة وقالو بهذا وهذا لسلموا من التناقض وخرجوا من الإشكال .
نسأل الله عزوجل أن يهدينا وإخواننا إلى الحق وأن يعيذنا من الفتن وأن يهدي ضال المسلمين ، والحمدلله رب العالمين .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ...
ٌ
استماع اللقاء
http://www.youtube.com/watch?v=Shw5pn-94QQ&feature=plcp