محمد عثمان الزاوي
07-20-2011, 01:08 AM
موقف الدكتور عبدالرحمن الحجي من شيخ الإسلام ابن تيمية ومؤلفاته ومدرسته
بسم الله, والحمد لله, و الصلاة و السلام على رسول الله, وعلى آله و صحبه ومن والاه إلى يوم الدين,
أما بعد,
فبعد قراءتي لبعض الموضوع على الإنترنت فوجئت بوجود مشاركات لبعضهم يحاول فيها إلصاق تهمة الطعن في شيخ الإسلام ابن تيمية للدكتور عبدالرحمن الحجي, وهي الذي يثني على هذا الإمام في أغلب خطبه وشروحاته, بل إنه ليستفتح هذه الخطب بأقواله الماتعة, ثم يأتينا من يقول بأنه يطعن فيه, ولكن لعدم الفهم ولسوء المقصد سيكتب المبغض ما يشاء و يبتر ما يشاء, ولن يتحير, بل سيدعي أنه يجابه بالحق, وغيره عاطفيين, لا حجة معهم, ولذالك تركت النقاش مع هؤلاء, لأنه أصبح جدالا, وهذه غايتهم .
ولكن يكفيني أن أنقل لكم موقف الدكتور عبدالرحمن الحجي محققا من أشرطته مع ذكر المصدر بين قوسين عند نهاية النقل, والله الموفق.
المبحث الأول: شيخ الإسلام ابن تيمية من المجددين الراسخين عند الدكتور عبدالرحمن الحجي:
قال الدكتور عبدالرحمن الحجي:
- { ظهر علماء في كل جيل أنزلهم الله منازلهم ونفع بهم الأمة ولكنه بعد القرون الثلاثة من الله على أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - برجال ثلاثة أسماءهم تطابق اسم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأثرهم في تاريخ الإسلام عميق وأثرهم في تسديد الملة المحمدية ومذهب أهل الحديث والتمسك بالآثار عميق جدا يحبهم المؤمن ويبغضهم المنافق:
••أحمد بن محمد بن حنبل - رحمه الله -.
••وأحمد بن عبد الحليم ابن تيمية - رحمه الله -.
••ومحمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -.
هؤلاء أنصار الدين وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأنصار الأولين وفي أنصار الدين الحقيقيين أنصار السنة والحديث إلى يوم القيامة قال: ((آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار، لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق معلوم النفاق)).
هؤلاء الثلاثة رحم الله أمة محمد بهم تجمعهم أمور عدة منها محبة الآثار محبة السنن، محبة مذاهب الصالحين والقرون الفاضلة الثلاثة وإحيائها كلهم تواطئوا على ذلك، كلهم دلوا الناس على مذاهب الصحابة والتابعين وعلى التمسك بالآثار وسخروا معارفهم وعلومهم ومواهبهم في خدمة مذاهب الصحابة والتابعين وأتباع التابعين وتقريبها للناس وتسهيلها على الناس وبث الاهتمام بالحديث والأثر والأمر الأول كلهم كانوا كذلك - رحمهم الله -.} (من خطبة له بعنوان: مواضع عظيمة من السيرة)
- ويتكلم الدكتور عبدالرحمن الحجي عن مسألة حب العرب إيمان,,, فيقول: { هذا الموضوع نص عليه الإمام أحمد لما كتب العقيدة والسنة في رواية الإسطخري وحرب الكرماني وغيرهم وقعده شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية - رحمه الله - وهو الرجل الراسخ الذي يسلك هذه المسالك ثم يجليها بأحسن بيان - رحمه الله - رحمة واسعة.} (من خطبة له بعنوان: حب العرب من الإيمان )
- وقال: { ولذل تجد عند العلماء كالقرون الفاضلة ومالك والشافعي وأحمد وابن تيمية وابن عبد الوهاب وأمثالهم تجد عندهم من الفهم ما ليس عند غيرهم والسبب أنهم من أولي الأيدي والأبصار، أنهم من أولي الأيدي والأبصار، نزلوا في الميدان وجاهدوا فازدادوا بصيرة، فلما تبصروا ازدادوا عزيمة فلما عزموا ازدادوا بصيرة وهكذا، {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت/69]، بالتوفيق والمعونة، والأمر يطول، ومن استبان له الطريق فلا يضيع نفسه.} (من خطبة له بعنوان: أولي الأيدي والأبصار)
- وقال: { فيا عباد الله: هذه من الزلازل التي تصيب أهل التوحيد، فيجب على الموحد أن يوقن وأن يعرف الحق وأن يعض عليه بالنواجز ولو بقي وحده.لما قُتل عثمان أصاب أصحاب محمد غربة شديدة، منهم من بنى بيته بالعقيق وسكن فيه من العشر المبشرين، ومنهم من أذن له النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتعرض، ومنهم من تفرقوا وصبروا حتى ماتوا، غربة شديدة. لما حُبس أحمد - رحمه الله - زُلزل أصحابه وتخطفهم الناس. لما حُبس ابن تيمية - رحمه الله - زُلزل أصحابه وتخطفهم الناس. لما طُرد ابن عبد الوهاب - رحمه الله زُلزل أصحابه وتخطفهم الناس. سنة ماضية، لا بد أن تمر، فماذا أنت فاعل لو ابتليت بها؟} (من خطبة له بعنوان: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ )
- ثم نسمع للحجي وهو يشير و ينبه على أن طريقة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله هي طريقة ابن تيمية فيقول: { هذا كلام الشيخ رحمه الله نقل نقل طويلا عن ابن تيمية في التوحيد وتقرير التوحيد والآيات التي فيه وبعض الأحاديث وهذا الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله كل هذا الآيات الأحاديث أخذها وجعلها أبواب في كتاب التوحيد "باب قول الرجل ما شاء الله وشئت" "باب لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" باب كذا ... كل هذه أخذها من كلام ابن تيمية ومن كلام ابن القيم سيأتي الآن في مدارج السالكين ومن كلام الله وكلام رسوله وبوب هذا الكتاب العظيم النقل هذا الطويل عن شيخ الإسلام ابن تيمية } (راجع شرح مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد)
- وقال الحجي { فلذلك يجب علينا إنا دائما نستفيد من كتب المتأخرين أن كان فيها فائدة ولكن دائما اعرف أنهم كثير منهم ابتعد عن أصول أئمتهم ولذلك من فقه هؤلاء الأئمة هؤلاء راسخين بن عبد الوهاب وبن تيمية وغيرهم أنهم يميزون بين كلام أحمد الحقيقي وبين ما نسب الى مذهبهم ولذلك الآن من العجب انه كلام احمد موجود مسائل الكوسجي موجوده ومسائل ابنه عبدالله مسائل ابنه صالح مسائل ابن هاني مسائل حرب مسائل أبي داوود السجستاني .. كل المسائل موجودة ومع ذلك ما في احد متفقه يقرأ في كتب المسائل إلا قليل. كلام مالك نفسه موجود في الموطأ وفي المدونة وأين المتفقهين يتفقهون على مختصر خليل ويكتفون بهذا كلام الشافعي موجود في الأم. معناه أنهم يذهبون إلى المتأخرين هذا كلام سبقه به ابن تيمية وكل راسخ يقول هذا الكلام لكن بهذه الجرأة وبهذا الوضوح ما يقوى عليه إلا مثل هؤلاء الراسخين }(راجع شرح رسالة الإمام محمد بن عبدالوهاب إلى القاضي الإحسائي )
- وقال الدكتور عبدالرحمن الحجي وفقه الله: {وكذا قال جماعة من السلف، قال أبو العباس ابن تيمية - رحمه الله - بعد قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث زيد بن خالد الجهني قال: "قال - صلى الله عليه وسلم - ونحن بالحديبية على إثر سماء أصابتنا من الليل قال: هل تدرون ماذا؟ قال ربكم البارحة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: إنه قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فمن قال: مُطرنا بنوء كذا فهو مؤمن بالكوكب وكافر بي، ومن قال: مُطرنا بفضل الله وبرحمته فهو مؤمن بي وكافر بالكوكب". قال شيخ الإسلام - رحمه الله - ابن تيمية: قال: " ومعنى هذا أن الذي ينسب النعمة إلى غير الله فإنه يشرك به، قال بعض السلف: كقول بعضهم إذا أنجاه الله من البحر كانت الريح طيبة والملاح حاذقًا، ونحو هذا ممن هو جارٍ على ألسنة الكثير، وتأمل ترى "انتهى كلامه.} (راجع خطبة له بعنوان: قتل الإنسان ما أكفره)
المبحث الثاني: الكثير من خطب الدكتور عبدالرحمن الحجي قدم فيها أقوال لشيخ الإسلام ابن تيمية على أقوال غيره من الراسخين.
ويكفينا أن نستعرض هذه الجمل مثلا:
- في خطبة بعنوان(إن شانئك هو الأبتر) قال الحجي: {أيها المسلمون، أيها المؤمنون بالله ورسالاته وكتبه، المصدقون بما جاء من عنده، هذه سورة الكوثر وما أدراك ما سورة الكوثر، قال أبو العباس أحمد بن تيميّة رحمه الله: سورة الكوثر، ما أغزر فوائدها! وما أعظم ما فيها على اختصارها! وسّرها في آخرها، {إن شانئك هو الأبتر}.}
- في خطبة بعنوان (مواضع عظيمة من السيرة) قال الدكتور عبدالرحمن الحجي: {والمراد بذلك الأجيال كما قرر أهل العلم ومن آخرهم شيخ الإسلام - رحمه الله -.والجيل يحسب بجمهوره فقد يموت منهم أناس في سن مبكرة وقد يعمر آخرون ولكن الجيل وانقراض الجيل يحسب بجمهوره ولذلك قال أبو العباس ابن تيمية - رحمه الله -: فجيل الصحابة انتهى بانتهاء الخلافة الراشدة عام أربعين سنة الجماعة},
- وهذه خطبة بعنوان: (لمة الشيطان ولمة الملك) قال الحجي فيها: {أيها المسلمون ها هنا أثر عظيم بعيد الغور واسع المعاني يروى موقوفا ومرفوعا انتخبه شيخ الإسلام أبن تيمية وشرحه شرحا وافيا وما انتخبه من كلام شيخ الإسلام الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمة الله في مسائله التي اختار فيها مقاطع من كلام شيخ الإسلام العميق ولخصها وأخرجها في كتابه هذا الأثر روي عن عبد الله بن مسعود وقد أخرجه الترمذي مرفوعا وقال إنه حسن غريب والصواب وقفه من حيث السند ولكن له حكم القطع قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إن للملك لمه في قلب ابن آدم وإن للشيطان لمه فلمه الملك تصديق بالحق و ايعاد بالخير ولمه الشيطان تكذيب بالحق وإيعاد بالشر فإذا رأيتم لمه الملك أي أحسستم بها فحمدوا الله فإنها بشرى وإذا كانت الأخرى فتعوذوا بالله من الشيطان الرجيم ثم قرأ رضي الله عنه {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيم (268) يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَاب} [البقرة: 268 - 269]}
المبحث الثالث: جهود الدكتور عبدالرحمن الحجي في نشر تراث شيخ الإسلام ابن تيمية.
ومن الأدلة القاطعة التي تبين بهتان القائل بأن الدكتور عبدالرحمن الحجي من الذين يبغضون مدرسة شيخ الإسلام ابن تيمية, هو أن الحجي من الذين ساهموا في نشر تراثه, و ذلك بعرض كتبه في مكتبة الأمر الأول بالرياض, بل وعرض بعض الكتب التي تثني على شيخ الإسلام رحمه الله.
وهذه قائمة لبعض الكتب التي في مكتبة الأمر الأول للدكتور عبدالرحمن الحجي وفقه الله:
الاحتجاج بالقدر-- الاستقامة – التسعينية – الحسنة والسيئة – الرد على من قال بفناء الجنة والنار – الرسالة المدنية – السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية – الصارم المسلول على شاتم الرسول – العبودية – الفرقان بين أولياء الرحمن و أولياء الشيطان – الفرقان بين الحق والباطل – القواعد النورانية الفقهية – القول الأحمد في بيان غلط من غلط على الإمام أحمد – الواسطة بين الحق والخلق – بغية المرتاد في الرد على المتفلسفة – بيان الدليل على بطلان التحليل –رؤية الهلال والحساب الفلكي – مختصري الإيمان الأوسط والكبير, وغير هذه الكثير من المؤلفات,,
بل وقام الدكتور عبدالرحمن الحجي بنشر مجموعة شروحات لبعض رسائل الشيخ رحمه الله مثل شروح الواسطية للعلماء :ابن باز رحمه الله ومحمد بن إبراهيم رحمه الله والفوزان وغيرهم
بل وقد قام الدكتور الحجي بنشر بعض الكتب التي تمدح شيخ الإسلام, مثل :
- الشهادة الزكية في ثناء الأئمة على ابن تيمية
المؤلف: مرعي بن يوسف الحنبلي
- القول الجلي في ترجمة الشيخ تقي الدين ابن تيمية
المؤلف: محمد صفي الدين البخاري لحنفي
- القول الجلي في ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية
المؤلف : محمد بن عبدالله الدمشقي
- الأعلام العلية في مناقب ابن تيمية
المؤلف : سراج الدين البزار
المحقق : إسماعيل الأنصاري
وهذه كلها يعكس وجهة نظر الدكتور عبدالرحمن الحجي في مدرسة الإمام ابن تيمية رحمه الله.
المبحث الرابع: وهذا سرد لبعض الشبه التي يثيرها المبغضون للدكتور عبدالرحمن الحجي:
وبعد نقلنا لثناء الشيخ عبدالرحمن الحجي على شيخ الإسلام وموقفه من نشر السنة وتجديد الدين, تيسر لي بفضل الله قراءة بعض المواضيع التي تثير الشبه حول هذه المواقف الطيبة, فبدأت محاولتهم بإيهام القارئ أن للدكتور الحجي طعونات وجهها لشيخ الإسلام , والقارئ المنصف عندما يدقق هذا الكلام ويحاول معرفة مقصد الدكتور عبدالرحمن الحجي منه لن يزداد إلا تيقنا من سلامة منهج الدكتور الحجي وموقفه من شيخ الإسلام رحمه الله.
وهذه بعض الشبه:
أولا: ابن تيمية وتعلم المنطق.
من المؤكد أن الجميع يعلمون بما قام به شيخ الإسلام ابن تيمية بمحاربة أهل البدع بأصنافهم, من رافضة وصوفية وأشاعرة, وغيرهم الكثير,,, ومن هؤلاء المتكلمة الفلاسفة, الذي مبنى عقيدتهم هو الكلام, والكلام هو كل تأصيل أساسه المنطق الفاسد لا الشرع, فلجأ شيخ الإسلام ابن تيمية لتعلم هذا العلم, وكان الهدف والغاية من ذلك هو الرد على المنطقيين بأسلوبهم وبعلمهم, والبعض يقول أنه نجح في ذلك, ونحن لا نعلم أن شيخ الإسلام انهزم أما خصم أبدا, ولكن الشاهد هنا هو هل مات شيخ الإسلام وهو راض عن تعلمه لعلم الكلام؟.
بالتأكيد لقد ندم شيخ الإسلام أشد الندم على تعلمه علم الكلام, فذكر الدكتور عبدالرحمن الحجي هذا الموقف لشيخ الإسلام, وذكر ندمه على ذلك قصد النصيحة للناس ولكل من يحتج بتعلم علم الكلام ليرد على المتكلمة فقال:
{عباد الله: البينات بأيديكم، كلام الله - جل وعلا -، وهذه سورة البينة فيها عجب من العجب، تحضنا على هذه البينات أن نتدبرها وأن نستغني بها عن غيرها فإنها تدمغ الباطل من أصله وتهدم بنيانه من أسه، البينات؟ سبحان الله، كيف يرد الباطل بباطل؟ كيف يُرد الكلام بكلام؟ كيف تُرد الحجج بحجج وعندنا البينات؟ ما من أحد رد الكلام بكلام أو بحجج إلا ندم إلا ندم، ألا يكون استغنى بالقرآن عن غيره، وأولهم أبو العباس ابن تيمية -رحمه الله، - فإنه - رحمه الله -كان قد تعلم الفلسفة والعقليات حتى يرد الباطل.
قال ابن رجب: " وكان طوائف من العلماء الراسخين الذين يحبون أبا العباس ويعظمونه ينهونه عن ذلك ويقولون: الكلام لا يرد بالكلام ولا بالعقليات ولا بالفلسفة، يرد بالبينات "
يقول ابن القيم: " لما سُجن في آخر حياته ندم ندم عظيمًا ولم يخلط بالقرآن غيره وقال: آه على عمر ذهب ليس مع هذا الكتاب كل ما عندنا من الحجج وجدناها في القرآن أوضح ما تكون وأقوى ما تكون ولا خلطة معها ولا مطعن ".
وختم القرآن ثلاث وثمانين ختمة حتى مات في سجنه - رحمه الله -.فما من أحد إلا ندم إذا استعمل هذا الطريق.
وقد كان السلف - والله - أعلم وأحكم عندما قالوا: " الكلام لا يرد بالكلام، ولا يُتعلم الكلام لأجل الرد على أهل الكلام".
وفي كتاب ذم الكلام وأهله لأبي عيسى الهروي آثار تشفي الصدور في هذا الباب.}(راجع خطبة: جهاد الباطل لا ينفع إلا بالبينات)
فاحتج المبغض بهذا الكلام الطيب ليأتينا بفكرة أن الدكتور الحجي يطعن في شيخ الإسلام, وهذا عند المنصف ليس بطعن بل هو تزكية لشيخ الإسلام, وإثبات أنه ندم على ذلك أشد الندم, وزيادة على ذلك الاستئناس بكلام العلماء في هذه المسألة.
يقول الإمام ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة في ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية: { وطوائف من أئمة أهل الحديث وحفاظهم وفقهائهم: كَانُوا يحبون الشيخ ويعظمونه، وَلَمْ يكونوا يحبون لَهُ التوغل مَعَ أهل الْكَلام ولا الفلاسفة، كَمَا هُوَ طريق أئمة أهل الْحَدِيث المتقدمين، كالشَّافِعِي وَأَحْمَد وإسحاق وأبي عبيد ونحوهم، وكذلك كثير هن الْعُلَمَاء من الْفُقَهَاء والمحدثين والصالحين كرهوا لَهُ التفرد ببعض شذوذ المسائل الَّتِي أنكرها السلف عَلَى من شذ بِهَا، حَتَّى إِن بَعْض قضاة العدل من أَصْحَابنا منعه من الإفتاء ببعض ذَلِكَ.}
ثم تكلم الإمام ابن رجب عن قصة شيخ الإسلام في سجن القلعة وذكر بعض أقواله منها:
{ وَقَالَ: قَدْ فتح اللَّه عَلِي فِي هذا الحصن فِي هذه المرة من معاني الْقُرْآن، ومن أصول العلم بأشياء، كَانَ كثير من الْعُلَمَاء يتمنونها، وندمت عَلَى تضييع أَكْثَر أوقاتي فِي غَيْر معاني الْقُرْآن، ثُمَّ إنه منع من الكتابة، وَلَمْ يترك عنده دواة ولا قلم ولا ورق، فأقبل عَلَى التلاوة والتهجد والمناجاة والذكر.}
فهل هذا طعن في شيخ الإسلام؟, وهل التنبيه على الخطأ مذمة؟ بل لا نقبلها إلا على وجه النصيحة.
ثانيا: شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وكون بعض كلامه متشابها (يوجد به تشويش).
الذي يجزم به العاقل ولا يعترض عليه المنصف هو أن الحق يقال ولو في أبسط المسائل, الحق يقال نصيحة للغير لا لتتبع الهفوات والزلات, فمن الحق الذي لا ينكره الأثري هو استدلال أهل البدع ببعض الكلام المتشابه لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه كالمرجئة مثلا فيستدلون ببعض أقوال شيخ الإسلام الغير واضحة في مسائل الإيمان, ويتركون كلامه المحكم في تلك المسائل, وكذلك في مسائل تكفير المعين, وعلى عكس هؤلاء المرجئة نجد الخوارج كذلك, فهم ينسبون مذهبهم الفاسد لشيخ الإسلام رحمه الله, ولكن ما سبب ذلك؟
السبب الرئيسي في ذلك, هو أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله له كلام محكم وله كلام متشابه وهو كثير لو رجع القارئ لكلامه المتشابه دون المحكم, لوجد فيه تشويشا كثيرا, وذلك بسبب ترك المحكم من قوله رحمه الله.
وهنا سؤال, لو لم يوجد بعض الكلام الغير واضح (مشوش) لشيخ الإسلام في كتبه هل سيستطيع أهل البدع من الخوارج والمرجئة أن ينسبوا مذهبهم إليه, وهو بريء منهم؟
الآن المرجئة يقولون قال شيخ الإسلام كذا, والخوارج يقولون قال شيخ الإسلام كذا, ولكن لورجعوا للكلام المحكم لشيخ الإسلام لتبين لهم أن شيخ الإسلام على عكس طريقتهم تماما فهو بريء منهم, وكذالك شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب من بعده, فأهل البدع لا يرجعون إلا للكلام المتشابه من كتبه ويتركون الكلام المحكم, فينسبون مذهبهم الفاسد إليه كما يفعل الريس وغيره بل وذلك يفعله الخوارج مثلهم .
وهذا الذي ينبه عليه الدكتور عبدالرحمن الحجي في خطبه وشروحاته, وهو الرجوع إلى الكلام المحكم وترك المتشابه (المشوش), يقول حفظه الله:
{ثم ذكر الشيخ في كتب سليمان بن عبد الوهاب وغيره من العلماء الى ردوا على الشيخ يحتجون بكلام ابن تيمية كما يفعلون اليوم يتلقطون كلام من ابن تيمية متشابه سيأتي به الشيخ. الشيخ في الأمانة العلمية لا يضاهى سيأتي الآن بكلامهم وأن ابن تيمية قال أنا أبعد الناس أن ينسب إلى تكفير أو تفسيق أو تبديع إلى الآن يحتجون بهذه الحجج فقال أنتم أولا هذا كلام رجال وأسخف الناس عقلا من يبني العمارات الشاهقة على الرمل هذا ليس بعاقل الى يبني له حجج وكتب على كلام الرجال في كل سهولة تقول هذا كلام رجال يخطئون ولا ما يخطئون؟؟ معصوم ولا غير معصوم؟؟ فينهار مبناه كله ما يبنى الأمر إلا على كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وكلام الرجال محكوم عليه وليس بحاكم لا بن عبد الوهاب رحمة الله عليه لكن إذا حكمنا كلامه وكلام الله ورسوله وجدناه مطابق عند ذلك نحبه ونتولاه ونتبنى كلامه ونشرحه ولا ابن تيمية ولا غيره. كلام ابن تيمية فيه متشابه القرآن وهو القرآن فيه متشابه فيأتون إلى هذا المتشابه ويجعلونه هو الحجة ويتركون غيره.}(راجع شرح مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد للدكتور عبدالرحمن الحجي)
وقال أيضا: {تأملوا هذا النقل والعقل عن أبي العباس: شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله, الذي تُستشهد ببعض نصوصه في ظروف معينة وتُجعل كأنها محكمات, ويتركون النصوص الواضحة }(راجع خطبة له بعنوان متى نقاتل)
ولكن المبغضون للشيخ الحجي, تركوا كل هذه الأقوال ورجعوا لقول واحد للحجي وهو يتكلم عن شيخ الإسلام ويقول بأن عنده تشويش بسبب تعلمه علم الكلام.وذلك لو قورن بالإمام أحمد رحمهم الله.
يقول الدكتور عبدالرحمن الحجي:
{ ما أحد دخل في هذا الكلام فأفلح, وأجلهم الآن مثل: ابن تيمية الآن لو قارنت بينه وبين أحمد ومالك لوجدت عنده من التشويش في كثير من المسائل ما الله به عليم, والسبب سلوك هذا الطريق الخطر الخطر الخطر جدا}
فهل هذا طعن في شيخ الإسلام رحمه الله؟, هل قول وجود التشويش بسبب تعلم علم الكلام, الذي ندم عليه شيخ الإسلام طعن؟
لا والله ليس بطعن, وهذا الذي عليه الأئمة في قول الحق فمثلا نجد الإمام ابن رجب في ملحق طبقات الحنابلة يقول في ترجمة شيخ الإسلام بعد أن أثني عليه:
{ وطوائف من أئمة أهل الحديث وحفاظهم وفقهائهم: كَانُوا يحبون الشيخ ويعظمونه، وَلَمْ يكونوا يحبون لَهُ التوغل مَعَ أهل الْكَلام ولا الفلاسفة، كَمَا هُوَ طريق أئمة أهل الْحَدِيث المتقدمين، كالشَّافِعِي وَأَحْمَد وإسحاق وأبي عبيد ونحوهم، وكذلك كثير هن الْعُلَمَاء من الْفُقَهَاء والمحدثين والصالحين كرهوا لَهُ التفرد ببعض شذوذ المسائل الَّتِي أنكرها السلف عَلَى من شذ بِهَا، حَتَّى إِن بَعْض قضاة العدل من أَصْحَابنا منعه من الإفتاء ببعض ذَلِكَ.} فهل هذا طعن عندكم أيها المبغضون؟
وكما كنت أقول دائما, فالمتعالمين لا يفرقون بين الطعن ورد الخطأ من باب النصيحة.
وفي ختام هذه المقالة,أصلي وأسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
كتبها:
أخوكم وحبيبكم في الله: محمد بن عثمان الزاوي,
بسم الله, والحمد لله, و الصلاة و السلام على رسول الله, وعلى آله و صحبه ومن والاه إلى يوم الدين,
أما بعد,
فبعد قراءتي لبعض الموضوع على الإنترنت فوجئت بوجود مشاركات لبعضهم يحاول فيها إلصاق تهمة الطعن في شيخ الإسلام ابن تيمية للدكتور عبدالرحمن الحجي, وهي الذي يثني على هذا الإمام في أغلب خطبه وشروحاته, بل إنه ليستفتح هذه الخطب بأقواله الماتعة, ثم يأتينا من يقول بأنه يطعن فيه, ولكن لعدم الفهم ولسوء المقصد سيكتب المبغض ما يشاء و يبتر ما يشاء, ولن يتحير, بل سيدعي أنه يجابه بالحق, وغيره عاطفيين, لا حجة معهم, ولذالك تركت النقاش مع هؤلاء, لأنه أصبح جدالا, وهذه غايتهم .
ولكن يكفيني أن أنقل لكم موقف الدكتور عبدالرحمن الحجي محققا من أشرطته مع ذكر المصدر بين قوسين عند نهاية النقل, والله الموفق.
المبحث الأول: شيخ الإسلام ابن تيمية من المجددين الراسخين عند الدكتور عبدالرحمن الحجي:
قال الدكتور عبدالرحمن الحجي:
- { ظهر علماء في كل جيل أنزلهم الله منازلهم ونفع بهم الأمة ولكنه بعد القرون الثلاثة من الله على أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - برجال ثلاثة أسماءهم تطابق اسم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأثرهم في تاريخ الإسلام عميق وأثرهم في تسديد الملة المحمدية ومذهب أهل الحديث والتمسك بالآثار عميق جدا يحبهم المؤمن ويبغضهم المنافق:
••أحمد بن محمد بن حنبل - رحمه الله -.
••وأحمد بن عبد الحليم ابن تيمية - رحمه الله -.
••ومحمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -.
هؤلاء أنصار الدين وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأنصار الأولين وفي أنصار الدين الحقيقيين أنصار السنة والحديث إلى يوم القيامة قال: ((آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار، لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق معلوم النفاق)).
هؤلاء الثلاثة رحم الله أمة محمد بهم تجمعهم أمور عدة منها محبة الآثار محبة السنن، محبة مذاهب الصالحين والقرون الفاضلة الثلاثة وإحيائها كلهم تواطئوا على ذلك، كلهم دلوا الناس على مذاهب الصحابة والتابعين وعلى التمسك بالآثار وسخروا معارفهم وعلومهم ومواهبهم في خدمة مذاهب الصحابة والتابعين وأتباع التابعين وتقريبها للناس وتسهيلها على الناس وبث الاهتمام بالحديث والأثر والأمر الأول كلهم كانوا كذلك - رحمهم الله -.} (من خطبة له بعنوان: مواضع عظيمة من السيرة)
- ويتكلم الدكتور عبدالرحمن الحجي عن مسألة حب العرب إيمان,,, فيقول: { هذا الموضوع نص عليه الإمام أحمد لما كتب العقيدة والسنة في رواية الإسطخري وحرب الكرماني وغيرهم وقعده شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية - رحمه الله - وهو الرجل الراسخ الذي يسلك هذه المسالك ثم يجليها بأحسن بيان - رحمه الله - رحمة واسعة.} (من خطبة له بعنوان: حب العرب من الإيمان )
- وقال: { ولذل تجد عند العلماء كالقرون الفاضلة ومالك والشافعي وأحمد وابن تيمية وابن عبد الوهاب وأمثالهم تجد عندهم من الفهم ما ليس عند غيرهم والسبب أنهم من أولي الأيدي والأبصار، أنهم من أولي الأيدي والأبصار، نزلوا في الميدان وجاهدوا فازدادوا بصيرة، فلما تبصروا ازدادوا عزيمة فلما عزموا ازدادوا بصيرة وهكذا، {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت/69]، بالتوفيق والمعونة، والأمر يطول، ومن استبان له الطريق فلا يضيع نفسه.} (من خطبة له بعنوان: أولي الأيدي والأبصار)
- وقال: { فيا عباد الله: هذه من الزلازل التي تصيب أهل التوحيد، فيجب على الموحد أن يوقن وأن يعرف الحق وأن يعض عليه بالنواجز ولو بقي وحده.لما قُتل عثمان أصاب أصحاب محمد غربة شديدة، منهم من بنى بيته بالعقيق وسكن فيه من العشر المبشرين، ومنهم من أذن له النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتعرض، ومنهم من تفرقوا وصبروا حتى ماتوا، غربة شديدة. لما حُبس أحمد - رحمه الله - زُلزل أصحابه وتخطفهم الناس. لما حُبس ابن تيمية - رحمه الله - زُلزل أصحابه وتخطفهم الناس. لما طُرد ابن عبد الوهاب - رحمه الله زُلزل أصحابه وتخطفهم الناس. سنة ماضية، لا بد أن تمر، فماذا أنت فاعل لو ابتليت بها؟} (من خطبة له بعنوان: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ )
- ثم نسمع للحجي وهو يشير و ينبه على أن طريقة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله هي طريقة ابن تيمية فيقول: { هذا كلام الشيخ رحمه الله نقل نقل طويلا عن ابن تيمية في التوحيد وتقرير التوحيد والآيات التي فيه وبعض الأحاديث وهذا الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله كل هذا الآيات الأحاديث أخذها وجعلها أبواب في كتاب التوحيد "باب قول الرجل ما شاء الله وشئت" "باب لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" باب كذا ... كل هذه أخذها من كلام ابن تيمية ومن كلام ابن القيم سيأتي الآن في مدارج السالكين ومن كلام الله وكلام رسوله وبوب هذا الكتاب العظيم النقل هذا الطويل عن شيخ الإسلام ابن تيمية } (راجع شرح مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد)
- وقال الحجي { فلذلك يجب علينا إنا دائما نستفيد من كتب المتأخرين أن كان فيها فائدة ولكن دائما اعرف أنهم كثير منهم ابتعد عن أصول أئمتهم ولذلك من فقه هؤلاء الأئمة هؤلاء راسخين بن عبد الوهاب وبن تيمية وغيرهم أنهم يميزون بين كلام أحمد الحقيقي وبين ما نسب الى مذهبهم ولذلك الآن من العجب انه كلام احمد موجود مسائل الكوسجي موجوده ومسائل ابنه عبدالله مسائل ابنه صالح مسائل ابن هاني مسائل حرب مسائل أبي داوود السجستاني .. كل المسائل موجودة ومع ذلك ما في احد متفقه يقرأ في كتب المسائل إلا قليل. كلام مالك نفسه موجود في الموطأ وفي المدونة وأين المتفقهين يتفقهون على مختصر خليل ويكتفون بهذا كلام الشافعي موجود في الأم. معناه أنهم يذهبون إلى المتأخرين هذا كلام سبقه به ابن تيمية وكل راسخ يقول هذا الكلام لكن بهذه الجرأة وبهذا الوضوح ما يقوى عليه إلا مثل هؤلاء الراسخين }(راجع شرح رسالة الإمام محمد بن عبدالوهاب إلى القاضي الإحسائي )
- وقال الدكتور عبدالرحمن الحجي وفقه الله: {وكذا قال جماعة من السلف، قال أبو العباس ابن تيمية - رحمه الله - بعد قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث زيد بن خالد الجهني قال: "قال - صلى الله عليه وسلم - ونحن بالحديبية على إثر سماء أصابتنا من الليل قال: هل تدرون ماذا؟ قال ربكم البارحة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: إنه قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فمن قال: مُطرنا بنوء كذا فهو مؤمن بالكوكب وكافر بي، ومن قال: مُطرنا بفضل الله وبرحمته فهو مؤمن بي وكافر بالكوكب". قال شيخ الإسلام - رحمه الله - ابن تيمية: قال: " ومعنى هذا أن الذي ينسب النعمة إلى غير الله فإنه يشرك به، قال بعض السلف: كقول بعضهم إذا أنجاه الله من البحر كانت الريح طيبة والملاح حاذقًا، ونحو هذا ممن هو جارٍ على ألسنة الكثير، وتأمل ترى "انتهى كلامه.} (راجع خطبة له بعنوان: قتل الإنسان ما أكفره)
المبحث الثاني: الكثير من خطب الدكتور عبدالرحمن الحجي قدم فيها أقوال لشيخ الإسلام ابن تيمية على أقوال غيره من الراسخين.
ويكفينا أن نستعرض هذه الجمل مثلا:
- في خطبة بعنوان(إن شانئك هو الأبتر) قال الحجي: {أيها المسلمون، أيها المؤمنون بالله ورسالاته وكتبه، المصدقون بما جاء من عنده، هذه سورة الكوثر وما أدراك ما سورة الكوثر، قال أبو العباس أحمد بن تيميّة رحمه الله: سورة الكوثر، ما أغزر فوائدها! وما أعظم ما فيها على اختصارها! وسّرها في آخرها، {إن شانئك هو الأبتر}.}
- في خطبة بعنوان (مواضع عظيمة من السيرة) قال الدكتور عبدالرحمن الحجي: {والمراد بذلك الأجيال كما قرر أهل العلم ومن آخرهم شيخ الإسلام - رحمه الله -.والجيل يحسب بجمهوره فقد يموت منهم أناس في سن مبكرة وقد يعمر آخرون ولكن الجيل وانقراض الجيل يحسب بجمهوره ولذلك قال أبو العباس ابن تيمية - رحمه الله -: فجيل الصحابة انتهى بانتهاء الخلافة الراشدة عام أربعين سنة الجماعة},
- وهذه خطبة بعنوان: (لمة الشيطان ولمة الملك) قال الحجي فيها: {أيها المسلمون ها هنا أثر عظيم بعيد الغور واسع المعاني يروى موقوفا ومرفوعا انتخبه شيخ الإسلام أبن تيمية وشرحه شرحا وافيا وما انتخبه من كلام شيخ الإسلام الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمة الله في مسائله التي اختار فيها مقاطع من كلام شيخ الإسلام العميق ولخصها وأخرجها في كتابه هذا الأثر روي عن عبد الله بن مسعود وقد أخرجه الترمذي مرفوعا وقال إنه حسن غريب والصواب وقفه من حيث السند ولكن له حكم القطع قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إن للملك لمه في قلب ابن آدم وإن للشيطان لمه فلمه الملك تصديق بالحق و ايعاد بالخير ولمه الشيطان تكذيب بالحق وإيعاد بالشر فإذا رأيتم لمه الملك أي أحسستم بها فحمدوا الله فإنها بشرى وإذا كانت الأخرى فتعوذوا بالله من الشيطان الرجيم ثم قرأ رضي الله عنه {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيم (268) يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَاب} [البقرة: 268 - 269]}
المبحث الثالث: جهود الدكتور عبدالرحمن الحجي في نشر تراث شيخ الإسلام ابن تيمية.
ومن الأدلة القاطعة التي تبين بهتان القائل بأن الدكتور عبدالرحمن الحجي من الذين يبغضون مدرسة شيخ الإسلام ابن تيمية, هو أن الحجي من الذين ساهموا في نشر تراثه, و ذلك بعرض كتبه في مكتبة الأمر الأول بالرياض, بل وعرض بعض الكتب التي تثني على شيخ الإسلام رحمه الله.
وهذه قائمة لبعض الكتب التي في مكتبة الأمر الأول للدكتور عبدالرحمن الحجي وفقه الله:
الاحتجاج بالقدر-- الاستقامة – التسعينية – الحسنة والسيئة – الرد على من قال بفناء الجنة والنار – الرسالة المدنية – السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية – الصارم المسلول على شاتم الرسول – العبودية – الفرقان بين أولياء الرحمن و أولياء الشيطان – الفرقان بين الحق والباطل – القواعد النورانية الفقهية – القول الأحمد في بيان غلط من غلط على الإمام أحمد – الواسطة بين الحق والخلق – بغية المرتاد في الرد على المتفلسفة – بيان الدليل على بطلان التحليل –رؤية الهلال والحساب الفلكي – مختصري الإيمان الأوسط والكبير, وغير هذه الكثير من المؤلفات,,
بل وقام الدكتور عبدالرحمن الحجي بنشر مجموعة شروحات لبعض رسائل الشيخ رحمه الله مثل شروح الواسطية للعلماء :ابن باز رحمه الله ومحمد بن إبراهيم رحمه الله والفوزان وغيرهم
بل وقد قام الدكتور الحجي بنشر بعض الكتب التي تمدح شيخ الإسلام, مثل :
- الشهادة الزكية في ثناء الأئمة على ابن تيمية
المؤلف: مرعي بن يوسف الحنبلي
- القول الجلي في ترجمة الشيخ تقي الدين ابن تيمية
المؤلف: محمد صفي الدين البخاري لحنفي
- القول الجلي في ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية
المؤلف : محمد بن عبدالله الدمشقي
- الأعلام العلية في مناقب ابن تيمية
المؤلف : سراج الدين البزار
المحقق : إسماعيل الأنصاري
وهذه كلها يعكس وجهة نظر الدكتور عبدالرحمن الحجي في مدرسة الإمام ابن تيمية رحمه الله.
المبحث الرابع: وهذا سرد لبعض الشبه التي يثيرها المبغضون للدكتور عبدالرحمن الحجي:
وبعد نقلنا لثناء الشيخ عبدالرحمن الحجي على شيخ الإسلام وموقفه من نشر السنة وتجديد الدين, تيسر لي بفضل الله قراءة بعض المواضيع التي تثير الشبه حول هذه المواقف الطيبة, فبدأت محاولتهم بإيهام القارئ أن للدكتور الحجي طعونات وجهها لشيخ الإسلام , والقارئ المنصف عندما يدقق هذا الكلام ويحاول معرفة مقصد الدكتور عبدالرحمن الحجي منه لن يزداد إلا تيقنا من سلامة منهج الدكتور الحجي وموقفه من شيخ الإسلام رحمه الله.
وهذه بعض الشبه:
أولا: ابن تيمية وتعلم المنطق.
من المؤكد أن الجميع يعلمون بما قام به شيخ الإسلام ابن تيمية بمحاربة أهل البدع بأصنافهم, من رافضة وصوفية وأشاعرة, وغيرهم الكثير,,, ومن هؤلاء المتكلمة الفلاسفة, الذي مبنى عقيدتهم هو الكلام, والكلام هو كل تأصيل أساسه المنطق الفاسد لا الشرع, فلجأ شيخ الإسلام ابن تيمية لتعلم هذا العلم, وكان الهدف والغاية من ذلك هو الرد على المنطقيين بأسلوبهم وبعلمهم, والبعض يقول أنه نجح في ذلك, ونحن لا نعلم أن شيخ الإسلام انهزم أما خصم أبدا, ولكن الشاهد هنا هو هل مات شيخ الإسلام وهو راض عن تعلمه لعلم الكلام؟.
بالتأكيد لقد ندم شيخ الإسلام أشد الندم على تعلمه علم الكلام, فذكر الدكتور عبدالرحمن الحجي هذا الموقف لشيخ الإسلام, وذكر ندمه على ذلك قصد النصيحة للناس ولكل من يحتج بتعلم علم الكلام ليرد على المتكلمة فقال:
{عباد الله: البينات بأيديكم، كلام الله - جل وعلا -، وهذه سورة البينة فيها عجب من العجب، تحضنا على هذه البينات أن نتدبرها وأن نستغني بها عن غيرها فإنها تدمغ الباطل من أصله وتهدم بنيانه من أسه، البينات؟ سبحان الله، كيف يرد الباطل بباطل؟ كيف يُرد الكلام بكلام؟ كيف تُرد الحجج بحجج وعندنا البينات؟ ما من أحد رد الكلام بكلام أو بحجج إلا ندم إلا ندم، ألا يكون استغنى بالقرآن عن غيره، وأولهم أبو العباس ابن تيمية -رحمه الله، - فإنه - رحمه الله -كان قد تعلم الفلسفة والعقليات حتى يرد الباطل.
قال ابن رجب: " وكان طوائف من العلماء الراسخين الذين يحبون أبا العباس ويعظمونه ينهونه عن ذلك ويقولون: الكلام لا يرد بالكلام ولا بالعقليات ولا بالفلسفة، يرد بالبينات "
يقول ابن القيم: " لما سُجن في آخر حياته ندم ندم عظيمًا ولم يخلط بالقرآن غيره وقال: آه على عمر ذهب ليس مع هذا الكتاب كل ما عندنا من الحجج وجدناها في القرآن أوضح ما تكون وأقوى ما تكون ولا خلطة معها ولا مطعن ".
وختم القرآن ثلاث وثمانين ختمة حتى مات في سجنه - رحمه الله -.فما من أحد إلا ندم إذا استعمل هذا الطريق.
وقد كان السلف - والله - أعلم وأحكم عندما قالوا: " الكلام لا يرد بالكلام، ولا يُتعلم الكلام لأجل الرد على أهل الكلام".
وفي كتاب ذم الكلام وأهله لأبي عيسى الهروي آثار تشفي الصدور في هذا الباب.}(راجع خطبة: جهاد الباطل لا ينفع إلا بالبينات)
فاحتج المبغض بهذا الكلام الطيب ليأتينا بفكرة أن الدكتور الحجي يطعن في شيخ الإسلام, وهذا عند المنصف ليس بطعن بل هو تزكية لشيخ الإسلام, وإثبات أنه ندم على ذلك أشد الندم, وزيادة على ذلك الاستئناس بكلام العلماء في هذه المسألة.
يقول الإمام ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة في ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية: { وطوائف من أئمة أهل الحديث وحفاظهم وفقهائهم: كَانُوا يحبون الشيخ ويعظمونه، وَلَمْ يكونوا يحبون لَهُ التوغل مَعَ أهل الْكَلام ولا الفلاسفة، كَمَا هُوَ طريق أئمة أهل الْحَدِيث المتقدمين، كالشَّافِعِي وَأَحْمَد وإسحاق وأبي عبيد ونحوهم، وكذلك كثير هن الْعُلَمَاء من الْفُقَهَاء والمحدثين والصالحين كرهوا لَهُ التفرد ببعض شذوذ المسائل الَّتِي أنكرها السلف عَلَى من شذ بِهَا، حَتَّى إِن بَعْض قضاة العدل من أَصْحَابنا منعه من الإفتاء ببعض ذَلِكَ.}
ثم تكلم الإمام ابن رجب عن قصة شيخ الإسلام في سجن القلعة وذكر بعض أقواله منها:
{ وَقَالَ: قَدْ فتح اللَّه عَلِي فِي هذا الحصن فِي هذه المرة من معاني الْقُرْآن، ومن أصول العلم بأشياء، كَانَ كثير من الْعُلَمَاء يتمنونها، وندمت عَلَى تضييع أَكْثَر أوقاتي فِي غَيْر معاني الْقُرْآن، ثُمَّ إنه منع من الكتابة، وَلَمْ يترك عنده دواة ولا قلم ولا ورق، فأقبل عَلَى التلاوة والتهجد والمناجاة والذكر.}
فهل هذا طعن في شيخ الإسلام؟, وهل التنبيه على الخطأ مذمة؟ بل لا نقبلها إلا على وجه النصيحة.
ثانيا: شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وكون بعض كلامه متشابها (يوجد به تشويش).
الذي يجزم به العاقل ولا يعترض عليه المنصف هو أن الحق يقال ولو في أبسط المسائل, الحق يقال نصيحة للغير لا لتتبع الهفوات والزلات, فمن الحق الذي لا ينكره الأثري هو استدلال أهل البدع ببعض الكلام المتشابه لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه كالمرجئة مثلا فيستدلون ببعض أقوال شيخ الإسلام الغير واضحة في مسائل الإيمان, ويتركون كلامه المحكم في تلك المسائل, وكذلك في مسائل تكفير المعين, وعلى عكس هؤلاء المرجئة نجد الخوارج كذلك, فهم ينسبون مذهبهم الفاسد لشيخ الإسلام رحمه الله, ولكن ما سبب ذلك؟
السبب الرئيسي في ذلك, هو أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله له كلام محكم وله كلام متشابه وهو كثير لو رجع القارئ لكلامه المتشابه دون المحكم, لوجد فيه تشويشا كثيرا, وذلك بسبب ترك المحكم من قوله رحمه الله.
وهنا سؤال, لو لم يوجد بعض الكلام الغير واضح (مشوش) لشيخ الإسلام في كتبه هل سيستطيع أهل البدع من الخوارج والمرجئة أن ينسبوا مذهبهم إليه, وهو بريء منهم؟
الآن المرجئة يقولون قال شيخ الإسلام كذا, والخوارج يقولون قال شيخ الإسلام كذا, ولكن لورجعوا للكلام المحكم لشيخ الإسلام لتبين لهم أن شيخ الإسلام على عكس طريقتهم تماما فهو بريء منهم, وكذالك شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب من بعده, فأهل البدع لا يرجعون إلا للكلام المتشابه من كتبه ويتركون الكلام المحكم, فينسبون مذهبهم الفاسد إليه كما يفعل الريس وغيره بل وذلك يفعله الخوارج مثلهم .
وهذا الذي ينبه عليه الدكتور عبدالرحمن الحجي في خطبه وشروحاته, وهو الرجوع إلى الكلام المحكم وترك المتشابه (المشوش), يقول حفظه الله:
{ثم ذكر الشيخ في كتب سليمان بن عبد الوهاب وغيره من العلماء الى ردوا على الشيخ يحتجون بكلام ابن تيمية كما يفعلون اليوم يتلقطون كلام من ابن تيمية متشابه سيأتي به الشيخ. الشيخ في الأمانة العلمية لا يضاهى سيأتي الآن بكلامهم وأن ابن تيمية قال أنا أبعد الناس أن ينسب إلى تكفير أو تفسيق أو تبديع إلى الآن يحتجون بهذه الحجج فقال أنتم أولا هذا كلام رجال وأسخف الناس عقلا من يبني العمارات الشاهقة على الرمل هذا ليس بعاقل الى يبني له حجج وكتب على كلام الرجال في كل سهولة تقول هذا كلام رجال يخطئون ولا ما يخطئون؟؟ معصوم ولا غير معصوم؟؟ فينهار مبناه كله ما يبنى الأمر إلا على كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وكلام الرجال محكوم عليه وليس بحاكم لا بن عبد الوهاب رحمة الله عليه لكن إذا حكمنا كلامه وكلام الله ورسوله وجدناه مطابق عند ذلك نحبه ونتولاه ونتبنى كلامه ونشرحه ولا ابن تيمية ولا غيره. كلام ابن تيمية فيه متشابه القرآن وهو القرآن فيه متشابه فيأتون إلى هذا المتشابه ويجعلونه هو الحجة ويتركون غيره.}(راجع شرح مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد للدكتور عبدالرحمن الحجي)
وقال أيضا: {تأملوا هذا النقل والعقل عن أبي العباس: شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله, الذي تُستشهد ببعض نصوصه في ظروف معينة وتُجعل كأنها محكمات, ويتركون النصوص الواضحة }(راجع خطبة له بعنوان متى نقاتل)
ولكن المبغضون للشيخ الحجي, تركوا كل هذه الأقوال ورجعوا لقول واحد للحجي وهو يتكلم عن شيخ الإسلام ويقول بأن عنده تشويش بسبب تعلمه علم الكلام.وذلك لو قورن بالإمام أحمد رحمهم الله.
يقول الدكتور عبدالرحمن الحجي:
{ ما أحد دخل في هذا الكلام فأفلح, وأجلهم الآن مثل: ابن تيمية الآن لو قارنت بينه وبين أحمد ومالك لوجدت عنده من التشويش في كثير من المسائل ما الله به عليم, والسبب سلوك هذا الطريق الخطر الخطر الخطر جدا}
فهل هذا طعن في شيخ الإسلام رحمه الله؟, هل قول وجود التشويش بسبب تعلم علم الكلام, الذي ندم عليه شيخ الإسلام طعن؟
لا والله ليس بطعن, وهذا الذي عليه الأئمة في قول الحق فمثلا نجد الإمام ابن رجب في ملحق طبقات الحنابلة يقول في ترجمة شيخ الإسلام بعد أن أثني عليه:
{ وطوائف من أئمة أهل الحديث وحفاظهم وفقهائهم: كَانُوا يحبون الشيخ ويعظمونه، وَلَمْ يكونوا يحبون لَهُ التوغل مَعَ أهل الْكَلام ولا الفلاسفة، كَمَا هُوَ طريق أئمة أهل الْحَدِيث المتقدمين، كالشَّافِعِي وَأَحْمَد وإسحاق وأبي عبيد ونحوهم، وكذلك كثير هن الْعُلَمَاء من الْفُقَهَاء والمحدثين والصالحين كرهوا لَهُ التفرد ببعض شذوذ المسائل الَّتِي أنكرها السلف عَلَى من شذ بِهَا، حَتَّى إِن بَعْض قضاة العدل من أَصْحَابنا منعه من الإفتاء ببعض ذَلِكَ.} فهل هذا طعن عندكم أيها المبغضون؟
وكما كنت أقول دائما, فالمتعالمين لا يفرقون بين الطعن ورد الخطأ من باب النصيحة.
وفي ختام هذه المقالة,أصلي وأسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
كتبها:
أخوكم وحبيبكم في الله: محمد بن عثمان الزاوي,