قيصر العراقي
07-12-2007, 09:27 PM
وسئل الشيخ : إسحاق بن عبد الرحمن، بن حسن أيضاً - رحمهم الله - عما ورد : أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى موسى، وهو يصلي في قبره، ورآه يطوف بالبيت، ورآه في السماء، وكذلك الأنبياء ؟.
فأجاب : هذه الأحاديث ، وأشباهها، تمر كما جاءت، ويؤمن بها ؛ إذ لا مجال للعقل في ذلك، ومن فتح على نفسه هذا الباب، هلك في جملة من هلك ؛ وقد غضب مالك بن أنس، لما سأله رجل عن الاستواء، فقال : الاستواء معلوم، والكيف مجهول، إلى آخر كلامه، ثم قال : وما أراك إلا رجل سوء، فأمر بإخراجه ؛ هذه عادة السلف .
فهذه الأحاديث ، التي مر البحث فيها : خاض فيها بعض الزنادقة، وصنف مصنفاً بناه عليها، وجادل، وما حل في أن من كان حيا هذه الحياة، التي أطلقت في القرآن، فينبغي أن ينادى، إذ لا فرق عند هذا الجاهل، بين الحياة الحسية، والبرزخية، لأنه اشتبه عليه أمر هذه الصلاة، وأمر هذا الرزق، ولم يعلم أنه لا خلاف، في أن أهل البرزخ،
(ص549) يجري عليهم من نعيم الآخرة، ما يلتذون به، مما هو ليس من عمل التكليف .
ومعاذ الله : أن نعارض نص رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي رواه مسلم : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث " الخ، والحديث عام ؛ لأن المقصود به : جنس بني آدم، لأن المفرد يعم، كما هو مقرر في محاله ؛ ألم يعلم المسكين : أن البرزخ طور ثان، وله حكم ثان ؟ إذ لو كان صلى الله عليه وسلم بهذه المثابة، أنه يلاقي الأولياء، والأفاضل، كما زعم بعض المصنفين، لبطل حكم الاجتهاد بعده، ولم يتراجع الصحابة رضوان الله عليهم بعده مسائل، طال فيها نزاعهم إلى زمننا هذا .
إذا تحققت هذه الإشارة، وتأملتها، فلابد أن أنقل لك كلام ابن تيمية، قدس الله روحه، في أحاديث السؤال .
قال ابن تيمية رحمه الله : أما رؤيا موسى في الطواف، فهذا كان رؤيا منام، لم يكن ليلة المعراج، كذلك جاء مفسراً، كما رأى المسيح أيضاً، ورأى الدجال ؛أما : رؤيته، ورؤية غيره من الأنبياء ليلة المعراج في السماء، لما رأى آدم في السماء الدنيا ورأى يحيى، وعيسى ؛فهذا : رأى أرواحهم مصورة، في صورة أبدانهم ؛ وقد قال بعض الناس، لعله : رأى نفس الأجساد المدفونة في القبور ؛ وهذا : ليس بشيء، لكن عيسى صعد إلى السماء بروحه وجسده، وكذلك إدريس .
(ص550) وأما كونه رأى موسى يصلي في قبره، ورآه في السماء أيضاً، فهذان : لا منافاة بينهما، فإن أمر الأرواح، من جنس امر الملائكة، في اللحظة الواحدة : تصعد، وتهبط، كالملك، ليست كالبدن ؛ وقد : بسطت الكلام في أمر الأرواح بعد مفارقة الأبدان، وذكرت الأحاديث والآثار في ذلك، بما هذا ملخصه .
وهذه الصلاة : مما يتنعم بها الميت، ويستمتع بها، كما يتنعم أهل الجنة بالتسبيح ؛ فإنهم يلهمون التسبيح، كما يلهم الناس النفس في الدنيا، فهذا ليس من عمل التكليف، الذي يطلب به ثواب منفصل، بل نفس هذا العمل، هو من النعيم الذي تتنعم به النفس، وتلتذ به، انتهى كلامه .
فعلم من كلامه : أن أرواحهم صورت في صور أبدانهم، التي في القبور، فاجتمعت النصوص، وزال الأشكال، والله أعلم .
وسئل : رحمه الله عن الذي أمر بأن يذر في البحر ... الخ .
فأجاب : الذي أمر بان يذر في البحر، خوفاً من الله، لم يكن شاكاً في القدرة، إنما ظن أن جمعه بعد ذلك، من قبيل المحال، الذي ما من شأن القدرة أن تتعلق به ؛ وهذا : باب واسع، والله أعلم .
من كتاب الدرر السنية الجزء الاول صفحة- ( 1/548) وهذه الفائدة اقتبستها من كتاب الشيخ فالح الحربي في رده على ربيع المدخلي (النقض المثالي في فضح مذهب ربيع المدخلي الاعتزالي)
فأجاب : هذه الأحاديث ، وأشباهها، تمر كما جاءت، ويؤمن بها ؛ إذ لا مجال للعقل في ذلك، ومن فتح على نفسه هذا الباب، هلك في جملة من هلك ؛ وقد غضب مالك بن أنس، لما سأله رجل عن الاستواء، فقال : الاستواء معلوم، والكيف مجهول، إلى آخر كلامه، ثم قال : وما أراك إلا رجل سوء، فأمر بإخراجه ؛ هذه عادة السلف .
فهذه الأحاديث ، التي مر البحث فيها : خاض فيها بعض الزنادقة، وصنف مصنفاً بناه عليها، وجادل، وما حل في أن من كان حيا هذه الحياة، التي أطلقت في القرآن، فينبغي أن ينادى، إذ لا فرق عند هذا الجاهل، بين الحياة الحسية، والبرزخية، لأنه اشتبه عليه أمر هذه الصلاة، وأمر هذا الرزق، ولم يعلم أنه لا خلاف، في أن أهل البرزخ،
(ص549) يجري عليهم من نعيم الآخرة، ما يلتذون به، مما هو ليس من عمل التكليف .
ومعاذ الله : أن نعارض نص رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي رواه مسلم : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث " الخ، والحديث عام ؛ لأن المقصود به : جنس بني آدم، لأن المفرد يعم، كما هو مقرر في محاله ؛ ألم يعلم المسكين : أن البرزخ طور ثان، وله حكم ثان ؟ إذ لو كان صلى الله عليه وسلم بهذه المثابة، أنه يلاقي الأولياء، والأفاضل، كما زعم بعض المصنفين، لبطل حكم الاجتهاد بعده، ولم يتراجع الصحابة رضوان الله عليهم بعده مسائل، طال فيها نزاعهم إلى زمننا هذا .
إذا تحققت هذه الإشارة، وتأملتها، فلابد أن أنقل لك كلام ابن تيمية، قدس الله روحه، في أحاديث السؤال .
قال ابن تيمية رحمه الله : أما رؤيا موسى في الطواف، فهذا كان رؤيا منام، لم يكن ليلة المعراج، كذلك جاء مفسراً، كما رأى المسيح أيضاً، ورأى الدجال ؛أما : رؤيته، ورؤية غيره من الأنبياء ليلة المعراج في السماء، لما رأى آدم في السماء الدنيا ورأى يحيى، وعيسى ؛فهذا : رأى أرواحهم مصورة، في صورة أبدانهم ؛ وقد قال بعض الناس، لعله : رأى نفس الأجساد المدفونة في القبور ؛ وهذا : ليس بشيء، لكن عيسى صعد إلى السماء بروحه وجسده، وكذلك إدريس .
(ص550) وأما كونه رأى موسى يصلي في قبره، ورآه في السماء أيضاً، فهذان : لا منافاة بينهما، فإن أمر الأرواح، من جنس امر الملائكة، في اللحظة الواحدة : تصعد، وتهبط، كالملك، ليست كالبدن ؛ وقد : بسطت الكلام في أمر الأرواح بعد مفارقة الأبدان، وذكرت الأحاديث والآثار في ذلك، بما هذا ملخصه .
وهذه الصلاة : مما يتنعم بها الميت، ويستمتع بها، كما يتنعم أهل الجنة بالتسبيح ؛ فإنهم يلهمون التسبيح، كما يلهم الناس النفس في الدنيا، فهذا ليس من عمل التكليف، الذي يطلب به ثواب منفصل، بل نفس هذا العمل، هو من النعيم الذي تتنعم به النفس، وتلتذ به، انتهى كلامه .
فعلم من كلامه : أن أرواحهم صورت في صور أبدانهم، التي في القبور، فاجتمعت النصوص، وزال الأشكال، والله أعلم .
وسئل : رحمه الله عن الذي أمر بأن يذر في البحر ... الخ .
فأجاب : الذي أمر بان يذر في البحر، خوفاً من الله، لم يكن شاكاً في القدرة، إنما ظن أن جمعه بعد ذلك، من قبيل المحال، الذي ما من شأن القدرة أن تتعلق به ؛ وهذا : باب واسع، والله أعلم .
من كتاب الدرر السنية الجزء الاول صفحة- ( 1/548) وهذه الفائدة اقتبستها من كتاب الشيخ فالح الحربي في رده على ربيع المدخلي (النقض المثالي في فضح مذهب ربيع المدخلي الاعتزالي)